وقد أعجب بالذهبي الأئمة من بعده فلهجت ألسنتهم وأقلامهم بالثناء عليه ، وإليك جملة يسيرة من ذلك تظهر مكانته العلمية ، ومنزلته العليّة :
قال تلميذه الإمام تاج الدين السبكي : «إمام الوجود حفظا ، وذهب العصر معنى ولفظا ، وشيخ الجرح والتعديل ، ورجل الرجال في كل سبيل ، كأنما جمعت الأمة في صعيد واحد فنظرها ، ثم أخذ يخبر عنها إخبار من حضرها» (١).
وقال تلميذه المؤرخ صلاح الدين الصفدي : «حافظ لا يجارى ، ولافظ لا يبارى ، أتقن الحديث ورجاله ، ونظر علله وأحواله ، وعرف تراجم الناس ، وأزال الإبهام في تواريخهم والإلباس ... ولم أجد عنده جمود المحدثين ، ولا كودنة (٢) النقلة ، بل هو فقيه النظر ، له دربة بأقوال الناس ، ومذاهب الأئمة من السلف ، وأرباب المقالات» (٣).
وقال الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي : «مفيد الشام ، ومؤرخ الإسلام ، ناقد المحدثين ، وإمام المعدلين والمجرحين ... وكان آية في نقد الرجال ، عمدة في الجرح والتعديل» (٤).
وقال الحافظ ابن حجر : «مهر في فن الحديث ، وجمع فيه المجاميع المفيدة الكثيرة ، حتى كان أكثر أهل عصره تصنيفا ... ورغب الناس في تواليفه ، ورحلوا إليه بسببها ، وتداولوها قراءة ، ونسخا ، وسماعا» (٥).
وقال أيضا : «هو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال» (٦).
__________________
(١) طبقات الشافعية الكبرى ٩ / ١٠١.
(٢) يعني بلادة.
(٣) نكت الهميان ٢٤١ ـ ٢٤٢ ؛ والوافي بالوفيات ٢ / ١٦٣.
(٤) الرد الوافر ٣١.
(٥) الدرر الكامنة ٣ / ٤٢٦ ـ ٤٢٧.
(٦) نزهة النظر شرح نخبة الفكر ٧٥.