بسم الله الرحمن الرحيم
الافتتاحية
الحمد لله مسدي المنح والمواهب ، ومغدق النّعم على خلقه من كل جانب ، والصلاة والسلام على سيدنا المصطفى ، وإمامنا المجتبى ، وأسوتنا المرتضى محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحابته الذين حملوا دعوة الإسلام إلى أصقاع الأرض ، فآتت أكلها ، واستقام في النفوس عودها ، وجعلت من بلاد الإسلام صرح الحضارة ، وقلعة التمدن ، ومجمع العلوم (وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ، وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً ، كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ)(١).
أما بعد فإن خزائن الكتب الإسلامية المتبقية التي سلمت من عوادي الزمان ، ونجت من مصارع الأيام ، لتزخر بنفائس الأسفار ، وأمهات الكتب ، ونوادر الرسائل. غير أنها تحتاج إلى من يكشف اللّثام عنها ، وينزع السّتر دونها ، ويخرجها إلى الناس في حلّة قشيبة سيراء ، وبردة حبيرة زهراء.
ومن تلك النوادر الجليلة رسالة «الأمصار ذوات الآثار» للحافظ الذهبي ، التي ظن الناس أن الضّياع قد غشّاها (٢) فيما غشّى ، وكنت ممن يزعم هذا المزعم ، إلى أن عثرت عليها ضمن أحد المجاميع في المكتبة المحمودية
__________________
(١) الأعراف ٥٨.
(٢) عدا ما أورده السخاوي منها في كتاب الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ أهل التّوريخ.