وبذا يكون قد تم للتتار السيطرة على بخارى وسمرقند ، وهما قصبتا بلاد ما وراء النهر.
واتخذ جنكيز خان من سمرقند قاعدة له ، وأمر طائفة من فرسان جنده أن يطلبوا علاء الدين خوارزم شاه ـ ملك خراسان ، وما وراء النهر ، وغيرهما من البلاد ـ الذي يعسكر بجيوشه في نواحي بلخ ، فعبرت تلك الطائفة نهر جيحون ، وتوجهوا نحو علاء الدين فلما شعر بدنوهم فر أمامهم ، فجعلوا يتتبعونه ، ويقصون أثره في البلدان الكثيرة ، حتى دخل بحر طبرستان «بحر الخزر» حيث فر إلى قلعة له في إحدى جزره ، فيئسوا حينئذ من اللّحاق به ، وتركوه وشأنه.
وكانوا لعنهم الله لا يمرون ـ عند تتبعهم لخوارزم شاه ـ ببلدة إلا عملوا على قتل رجالها ، وسبي نسائها ، واسترقاق صبيانها ، ونهب أموالها ، وتخريب ديارها ، وحرق عمرانها ، وطمس آثارها ، وجعلها أطلالا بالية ورسوما خاوية ، هذا عدا بعض البلدان التي صالحوها كهمذان ، فلم تسلم منهم الرّي ، ولا زنجان ، ولا قزوين ، ولا غيرها ، وقد عدّ القتلى في قزوين وحدها فبلغوا (٤٠٠٠٠) وكان أهل قزوين قد قاوموا التتار ، وقتلوا منهم العدد الكثير.
ثم سلكت تلك الطائفة ـ تساعدهم الإسماعيلية وأهل الفساد ـ شمالا إلى بلاد أذربيجان ففعلوا بمدنها وقراها مثل ما فعلوه في بلاد الجبال ، ولم تسلم منهم إلا تبريز التي صالحهم صاحبها ، ثم تقدموا أيضا نحو الشّمال فوصلوا إلى بلاد الكرج الكفرة فقاتلوهم وهزموهم شر هزيمة ، ثم عادوا نحو الجنوب إلى بلاد أذربيجان لشدة وعورة بلاد الكرج ، وقد تم لهم كل ما سبق في سنة ٦١٧ ، ووصلوا في مستهل السنة التالية إلى مدينة مراغة من بلاد أذربيجان فملكوها بعد مقاومة شديدة ، وفعلوا فيها الأفاعيل ، وتوجهوا بعد ذلك إلى همذان من بلاد الجبال ، وكانوا قد صالحوا أهلها كما تقدم ، واستنفدوا أموالهم ، فاجتمع رأي الهمذانيين على قتال التتار ، وتحصنوا