تحب لنفسك ، وأقم وجهك وقضاءك لمن استرعاك الله من قريب المسلمين وبعيدهم ، ولا تقض في أمر واحد بقضاءين فيختلف عليك أمرك ، وتنزع عن الحق ، والزم الأمر ذا الحجة يعنك الله على ما ولاك ، وخض الغمرات إلى الحق حيث علمته ، ولا تخش في الله لومة لائم (١).
قال : فقال عمر : ويحك يا سعيد بن من يطيق هذا؟ قال : من قطع (٢) الله في عنقه مثل الذي وضع في عنقك إنما عليك أن تأمر فيطاع أمرك وتترك فيكون لك الحجة ، قال : فقال عمر : إنا سنجعل لك رزقا قال : لقد أعطيت ما يكفيني دونه ـ يعني عطاءه ـ وما أنا بمزداد من مال المسلمين شيئا ، قال : فكان إذا خرج عطاؤه نظر إلى قوت أهله من طعامهم وكسوتهم وما يصلح فيعز له وينظر إلى بقيته فيتصدق به ، فيقول أهله : أين بقية المال؟ فيقول : أقرضته قال : فأتاه نفر من قومه فقالوا : إنّ لأهلك عليك حقا ، وإن لقومك عليك حقا ، قال : ما أستأثر عليهم ، إن يدي لمع أيديهم ، وما أنا بطالب أو ملتمس رضاء أحد من الناس بطلبي الحور العين ، لو اطّلعت منهم واحدة لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس ، وما أنا بمتخلف عن العنق (٣) الأول بعد إذ سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول :
«يجيء فقراء المسلمين يدفّون (٤) كما يدفّ الحمام ، فقال لهم : قفوا للحساب فيقولون : والله ما تركنا شيئا نحاسب به ، فيقول الله : صدق عبادي ، فيدخلون الجنة قبل الناس بسبعين عاما» (٥) [٤٧٥١].
وقد روى الشعبي بعض القصّة ولم يسند منها شيئا.
أخبرنا أبو القاسم الشحامي ، أنا أبو سعد الجنزرودي (٦) ، أنا الحاكم أبو أحمد ، أنا أبو جعفر محمّد بن الحسين الخثعمي ـ بالكوفة ـ نا جعفر بن محمّد بن عبد السلام ، نا أبو معاوية ، عن موسى الصغير ، عن عبد الرّحمن بن سابط ، عن سعيد بن حذيم قال :
__________________
(١) ورد مختصرا في الإصابة ٢ / ٤٩.
(٢) في مختصر ابن منظور ٩ / ٣٢٠ وضع.
(٣) يقال جاء القوم عنقا عنقا أي طوائف (انظر اللسان : عنق).
(٤) كذا هنا بهذه الرواية ، وتقدم برواية : يرفون ، وفي الإصابة : يزفون ، بمعنى.
(٥) جزء من الحديث في الاستيعاب ٢ / ١٣ وأسد الغابة ٢ / ٢٤٢.
(٦) بالأصل : «الجنزوري» خطأ والصواب ما أثبت ، وقد تقدم التعريف به.