مستظلّ بشجرة ، معه شيء من الطعام ، ومزود له تحت رأسه ، ملتف بعباءة. قال جرير : فأمرت أن يظلل عليه ، ونزلنا فإذا قد انتبه الرجل وإذا هو سلمان الفارسي ، قال : فقلت له : ظللنا عليك وما نعرفك ، فقال : يا جرير تواضع في الدنيا ، فإنه من تواضع في الدنيا يرفعه الله يوم القيامة ، ومن يتعظم في الدنيا يضعه الله يوم القيامة ، يا جرير ، لو حرصت على أن تجد عودا يابسا في الجنة لم تجده. قال : قلت : وكيف يا سلمان وفيها الثمار؟ قال : فقال : أصول الشجر الذهب والفضة وأعلاها الثمار ، يا جرير تدري ما ظلمة النار؟ قال : لا ، قال : فإنه ظلم الناس بعضهم بعضا في الأرض (١).
أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد ، أنا محمّد بن هبة الله ، أنا محمّد بن الحسين ، أنا عبد الله بن جعفر نا يعقوب (٢) ، نا أبو بكر الحميدي ، نا سفيان ، قال : سمعت عمار الدهني (٣) يقول : كان عطاء سلمان الفارسي أربعة آلاف (٤) وكارة (٥) من ثياب ، فيتصدق بها ويعمل الخوص.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمّد بن أحمد بن محبوب ، نا عبد المجيد بن إبراهيم ، نا سعيد بن منصور ، نا عبد الرّحمن بن زياد ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة ، عن عبد الله بن سلمة قال :
كان سلمان إذا أصاب شاة من الغنم ذبحت أو ذبحوها عمد إلى جلدها فيجعل منه جرابا ، وإلى شعرها فيجعل منه حبلا ، وإلى لحمها (٦) فيقدده ويستنفع بجلدها ، ويعمد إلى الحبل فينظر رجلا معه قوس قد صدع به فيعطيه ، ويعمد إلى اللحم فيأكله في الأيام ، وإذا سئل عن ذلك يقول : أن استغني بالله في الأيام أحبّ إليّ من أن أفسده ، ثم أحتاج إلى ما في أيدي الناس.
__________________
(١) الخبر في سير الأعلام ١ / ٥٤٨ من طريق زائدة ، وانظر حلية الأولياء ١ / ٢٠٢.
(٢) الخبر في كتاب المعرفة والتاريخ ٢ / ٥٥٢.
(٣) بالأصل : الذهني ، خطأ ، والصواب ما أثبت عن م ، وانظر المعرفة والتاريخ.
(٤) بالأصل : ألف.
(٥) عن المعرفة والتاريخ ، وبالأصل : «وكان» وفي م : «وكان ... ثياب».
(٦) بالأصل : «لحيها» خطأ والصواب ما أثبت عن م.