ومعه (١) لا يصغى إلى أنّ إرادة الخصوص متيقّنة ولو في ضمنه ، بخلافه (٢) ، وجعل اللفظ حقيقة في المتيقّن أولى ؛ ولا إلى أنّ التخصيص قد اشتهر وشاع حتّى قيل : «ما من عامّ إلّا وقد خصّ» ، والظاهر يقتضي كونه حقيقة لما هو الغالب تقليلا للمجاز. مع أنّ تيقّن إرادته لا يوجب اختصاص الوضع به مع كون العموم كثيرا ما يراد (٣). واشتهار التخصيص لا يوجب كثرة المجاز ، لعدم الملازمة بين التخصيص والمجازيّة كما يأتي توضيحه (٤) ؛ ولو سلّم فلا محذور فيه أصلا إذا كان بالقرينة ، كما لا يخفى.
__________________
(١) أي : مع ما ذكر من أنّ الضرورة تقضي باختصاص مثل لفظ «كلّ» بالعموم ، ولا ينافي اختصاصه به استعماله في الخصوص مجازا.
(٢) أي : بخلاف العموم ، فإنّ إرادته غير متيقّنة.
وهذا تعريض بالآمديّ ، حيث قال : «والمختار إنّما هو صحّة الاحتجاج بهذه الألفاظ في الخصوص ، لكونه مرادا من اللفظ يقينا ، سواء اريد به الكلّ أو البعض ، والوقف فيما زاد على ذلك». الإحكام ٢ : ٢٠١.
(٣) هذا جواب آخر عمّا توهّمه الآمديّ. وحاصله : أنّ تيقّن إرادة الخاصّ لا يوجب وضع ألفاظ ـ مثل «كلّ وجميع ومن و...» ـ للخصوص ، بل إنّما يوجب استعمال ما وضع للعموم في الخصوص مجازا ، فإنّ الاستعمال أعمّ من الحقيقة.
(٤) يأتي في الفصل الآتي ، حيث قال : «والتحقيق في الجواب ...».