وإطلاق التخصيص على تقييده ليس إلّا من قبيل «ضيّق فم الركيّة (١)» (٢).
لكن دلالته على العموم وضعا محلّ منع ، بل إنّما يفيده فيما إذا اقتضته الحكمة أو قرينة اخرى. وذلك لعدم اقتضائه وضع «اللام» ولا مدخوله ولا وضع آخر للمركّب منهما ، كما لا يخفى. وربما يأتي في المطلق والمقيّد (٣) بعض الكلام ممّا يناسب المقام (٤).
__________________
ـ وأمّا دلالته على سعة مدخوله واستيعاب جميع أفراده تبتني على إثبات إطلاق مدخوله بإجراء مقدّمات الحكمة.
وبالجملة : إنّ العامّ لا يدلّ على العموم ـ بمعنى استيعاب جميع ما يصلح لأن ينطبق عليه من أفراده ـ إلّا بعد جريان مقدّمات الحكمة.
وناقش فيه السيّد الإمام الخمينيّ بوجهين :
الأوّل : أنّ موضوع الإطلاق نفس الطبيعة ، وموضوع الحكم في العامّ هو أفرادها ، لا نفسها.
الثاني : أنّ المتكلّم بالعموم يتعرّض لمصاديق الطبيعة ، ومعه لا معنى لعدم كونه في مقام بيان تمام الأفراد. بخلاف باب الإطلاق ، لإمكان أن لا يكون المتكلّم بصدد بيان حكم الطبيعة ، بل يكون بصدد بيان حكم آخر ، فلا بدّ من جريان مقدّمات الحكمة.
وبالجملة : دخول ألفاظ العموم على نفس الطبيعة المهملة يدلّ على استيعاب أفرادها. مناهج الوصول ٢ : ٢٣٣.
والسيّد المحقّق الخوئيّ ـ بعد ارتضائه بما أفاده المصنّف رحمهالله في المطلب الأوّل ـ أورد على المطلب الثاني ـ بما يتضمّنه كلام المحقّق الاصفهانيّ في نهاية الدراية ١ : ٦٣٣ ـ ، وحاصله : أنّ ما أفاده يستلزم لغويّة مثل لفظ «كلّ» ، لأنّه إذا احرز عموم مدخولها بمقدّمات الحكمة فلا يبقى لمثله أيّ أثر. محاضرات في اصول الفقه ٥ : ١٥٨.
(١) الركيّة : البئر.
(٢) جواب عن إشكال مقدّر :
أمّا الإشكال ، فهو : أنّ عدم دلالة المحلّى باللام على العموم إلّا بعد إطلاق المدخول ينافي إطلاق التخصيص عليه بعد تقيّده بقيد ، فإنّ التخصيص فرع ثبوت العموم.
وأمّا الجواب ، فهو : أنّ إطلاق التخصيص عليه من باب المسامحة ، نظير الأمر بالتضييق في قولهم : «ضيّق فم الركيّة» ، حيث يقال قبل إحداث البئر.
(٣) يأتي في الصفحة : ٢٠٩ ـ ٢١٠ من هذا الجزء.
(٤) هكذا في النسخ ، والأولى أن يقول : «وذلك لعدم وضع اللام ولا مدخوله ولا المركّب منهما للعموم».