الأداة (١) كغيرها (٢) بالمشافهين (٣) فيما لم يكن هناك قرينة على التعميم.
وتوهّم صحّة التزام التعميم في خطاباته تعالى لغير الموجودين ـ فضلا عن الغائبين ـ لإحاطته بالموجود في الحال والموجود في الاستقبال (٤) ، فاسد (٥) ، ضرورة أنّ إحاطته تعالى لا توجب صلاحيّة المعدوم بل الغائب للخطاب. وعدم صحّة المخاطبة معهما لقصورهما لا يوجب نقصا في ناحيته تعالى ، كما لا يخفى. كما أنّ خطابه اللفظيّ لكونه تدريجيّا ومتصرّم الوجود كان قاصرا عن أن يكون موجّها نحو غير من كان بمسمع منه ضرورة.
هذا لو قلنا بأن الخطاب بمثل (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا) في الكتاب (٦) حقيقة إلى غير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بلسانه (٧).
وأمّا إذا قيل بأنّه المخاطب والموجّه إليه الكلام حقيقة ، وحيا أو إلهاما ، فلا محيص إلّا عن كون الأداة (٨) في مثله للخطاب الإيقاعيّ ولو مجازا. وعليه لا مجال لتوهّم اختصاص الحكم المتكفّل له الخطاب بالحاضرين ، بل يعمّ المعدومين فضلا عن الغائبين.
__________________
(١) قوله : «بأدوات الخطاب أو بنفس توجيه الكلام بدون الأداة» متعلّق بقوله : «الخطابات الإلهيّة».
(٢) أي : كغير الخطابات الإلهيّة ، وهو الخطابات العرفيّة.
(٣) متعلّق بقوله : «اختصاص».
(٤) هذا التوهّم تعرّض له صاحب الفصول في الفصول الغرويّة : ١٨٣.
(٥) خبر قوله : «توهّم».
(٦) النساء / ١.
(٧) هكذا في النسخ. والأولى إمّا أن يقول : «في الكتاب موجّه حقيقة إلى ...» أو يقول : «بأنّ المخاطب بمثل (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا) في الكتاب حقيقة هو غير النبيّ صلىاللهعليهوآله».
(٨) هكذا في النسخ : والصحيح أن يقول : «فلا محيص عن كون الأداة ...» ، لأنّ المقصود من العبارة : أنّ في هذا الفرض لا بدّ لنا من الالتزام بالخطاب الإيقاعيّ. وما في النسخ لا يفهم المقصود بل يفهم عكسه ، لأنّ الاستثناء من النفي إثبات ، فيكون معنى قوله : «فلا محيص إلّا عن كون الأداة» : أنّه لا محيص إلّا المحيص عن الالتزام بالخطاب الإيقاعيّ. وهذا خلاف المقصود.