عرفت أنّ سيرتهم مستمرّة على العمل به في قبال العمومات الكتابيّة.
والأخبار الدالة على أنّ الأخبار المخالفة للقرآن يجب طرحها (١) ، أو ضربها على الجدار (٢) ، أو أنّها زخرف (٣) ، أو أنّها ممّا لم يقل بها الإمام عليهالسلام (٤) وإن كانت كثيرة جدّا وصريحة الدلالة على طرح المخالف (٥) ، إلّا أنّه لا محيص عن أن يكون المراد من المخالفة في هذه الأخبار غير مخالفة العموم ، إن لم نقل بأنّها ليست من المخالفة عرفا ، كيف! وصدور الأخبار المخالفة للكتاب بهذه المخالفة منهم عليهالسلام كثيرة جدّا.
مع قوّة احتمال أن يكون المراد أنّهم لا يقولون بغير ما هو قول الله تبارك وتعالى واقعا ، وإن كان هو على خلافه ظاهرا ، شرحا لمرامه تعالى ، وبيانا لمراده من كلامه ، فافهم.
والملازمة بين جواز التخصيص وجواز النسخ به (٦) ممنوعة ، وإن كان مقتضى القاعدة جوازهما ، لاختصاص النسخ بالإجماع على المنع ، مع وضوح الفرق بتوافر الدواعي إلى ضبطه ، ولذا قلّ الخلاف في تعيين موارده ، بخلاف التخصيص.
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة ١٨ : ٧٥ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١ و ١٠ و ١٩.
(٢) لم أعثر على رواية تدلّ على ضربها على الجدار.
(٣) راجع وسائل الشيعة ١٨ : ٧٩ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٤.
(٤) راجع المصدر السابق ، الحديث ١٥.
(٥) وهذا هو الوجه الثالث من الوجوه الأربعة.
(٦) وهذا هو الوجه الرابع. وحاصله : أنّ جواز تخصيص العامّ الكتابيّ بخبر الواحد مستلزم لجواز النسخ به ، لأنّهما من واد واحد ، إذا النسخ هو التخصيص بحسب الأزمان. وقد قام الإجماع على عدم جواز النسخ به ، وهذا يدلّ على عدم جواز التخصيص به.