والروايات.
وإن كان العامّ واردا بعد حضور وقت العمل بالخاصّ فكما يحتمل أن يكون الخاصّ مخصّصا للعامّ يحتمل أن يكون العامّ ناسخا له ، وإن كان الأظهر أن يكون الخاصّ مخصّصا ، لكثرة التخصيص حتّى اشتهر : «ما من عامّ إلّا وقد خصّ» ، مع قلّة النسخ في الأحكام جدّا. وبذلك (١) يصير ظهور الخاصّ في الدوام ـ ولو كان بالإطلاق ـ أقوى من ظهور العامّ ـ ولو كان بالوضع ـ ، كما لا يخفى. هذا فيما علم تأريخهما.
وأمّا لو جهل وتردّد بين أن يكون الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعامّ وقبل حضوره فالوجه هو الرجوع إلى الاصول العمليّة. وكثرة التخصيص وندرة النسخ هاهنا وإن كانا يوجبان الظنّ بالتخصيص أيضا ، وأنّه واجد لشرطه ، إلحاقا له بالغالب ، إلّا أنّه لا دليل على اعتباره ، وإنّما يوجبان الحمل عليه فيما إذا ورد العامّ بعد حضور وقت العمل بالخاصّ ، لصيرورة الخاصّ بذلك في الدوام أظهر من العامّ ، كما اشير إليه (٢) ، فتدبّر جيّدا.
ثمّ إنّ تعيّن الخاصّ للتخصيص إذا ورد قبل حضور وقت العمل بالعامّ أو ورد العامّ قبل حضور وقت العمل به إنّما يكون مبنيّا على عدم جواز النسخ قبل حضور وقت العمل ، وإلّا فلا يتعيّن له ، بل يدور بين كونه مخصّصا وناسخا (٣)
__________________
ـ الحاجة ، لأنّ المفروض أنّ المولى لم يكن في مقام بيان الحكم الواقعيّ حين جعله الحكم على نحو العموم ، وإنّما كان في مقام بيان الحكم الظاهريّ ، وهو لم يتأخّر بيانه عن وقت الحاجة.
(١) أي : بكثرة التخصيص وقلّة النسخ مع ورود العامّ بعد حضور وقت العمل بالخاصّ.
(٢) اشير إليه قبل أسطر.
(٣) لا يخفى : أنّ كونه مخصّصا بمعنى كونه مبيّنا بمقدار المرام عن العامّ ، وناسخا بمعنى كون حكم العامّ غير ثابت في نفس الأمر في مورد الخاصّ مع كونه مرادا ومقصودا بالإفهام في مورده بالعامّ كسائر الأفراد ، وإلّا فلا تفاوت بينهما عملا أصلا ، كما هو واضح لا يكاد يخفى. منه [أعلى الله مقامه].