بين الأقلّ والأكثر (١) ، لعدم الإخلال بشيء ممّا يعتبر أو يحتمل اعتباره في حصول الغرض منها ـ ممّا لا يمكن أن يؤخذ فيها (٢) ، فإنّه نشأ من قبل الأمر بها ، كقصد الإطاعة والوجه والتمييز ـ فيما إذا أتى بالأكثر ؛ ولا يكون إخلال حينئذ (٣) إلّا بعدم إتيان ما احتمل جزئيّته على تقديرها بقصدها (٤) ؛ واحتمال دخل قصدها (٥) في حصول الغرض ضعيف في الغاية وسخيف إلى النهاية.
وأمّا فيما احتاج إلى التكرار (٦) : فربما يشكل من جهة الإخلال بالوجه تارة ، وبالتميّز اخرى ، وكونه لعبا وعبثا ثالثة (٧).
__________________
(١) كتردّد أمر الصلاة بين عشرة أجزاء وتسعة ، فإنّ الاحتياط فيها يتحقّق بإتيان عشرة.
(٢) قوله : «ممّا لا يمكن أن يؤخذ فيها» بيان لقوله : «ما يعتبر أو يحتمل اعتباره». ومعنى العبارة : أنّه إذا أتى بالأكثر احتياطا فلا يوجب الاخلال بما يعتبر ـ قطعا أو احتمالا ـ في حصول الغرض من العبادة. وهو القيود الّتي لا يعقل أن يؤخذ في نفس العبادة ، كقصد القربة الّذي يعتبر في العبادة قطعا ، وقصد الوجه أو التميّز المعتبران احتمالا في حصول الغرض ، فإنّها متأخّرة عن الأمر ، فلا يمكن أخذها في موضوع الأمر.
(٣) أي : حين الإتيان بالأكثر احتياطا.
(٤) أي : لا يلزم إخلال إلّا الإخلال بقصد جزئيّة ما كان مشكوك الجزئيّة على تقدير كونه جزءا واقعا. فالأولى أن يقول : «ولا يكون إخلال إلّا الإخلال بقصد جزئيّة الجزء المشكوك على تقدير جزئيّته ، حيث أتى به من دون قصد الجزئيّة».
(٥) أي : قصد الجزئيّة.
(٦) وتمكّن من العلم التفصيليّ بالواجب ، كتردّد أمر الصلاة الواجبة بين القصر والإتمام ، أو تردّد أمر الصلاة بين إقامته إلى جهتين أو أزيد فيما إذا اشتبهت القبلة ، والمفروض أنّه يقدر على العلم بأحد أطراف الترديد.
(٧) أمّا الإخلال بقصد الوجه : فلأنّ المفروض أنّ كلّ واحد من أطراف الترديد محتمل الوجوب ، ولا علم للمكلّف بالنسبة إلى الواجب الحقيقيّ ، فلا يمكن له قصد الوجوب بالنسبة إلى واحد منها بعينه ، مع أنّ قصد الوجوب دخيل في تحقّق الامتثال.
وأمّا الإخلال بقصد التميّز : فلأنّ تكرار العبادة يوجب عدم إحراز ما ينطبق عليه عنوان المأمور به الواقعيّ.
وأمّا كونه لعبا وعبثا ـ كما ذكره الشيخ الأنصاريّ في فرائد الاصول ٢ : ٤٠٩ ـ : فلأنّ الواجب واحد ، والتكرار لعب بأمر المولى ، فلا وجه لتكريره.