في قبال دعوى استحالته للزومه (١).
وليس الإمكان ـ بهذا المعنى ، بل مطلقا ـ أصلا متّبعا (٢) عند العقلاء في مقام احتمال ما يقابله من الامتناع (٣) ؛ لمنع كونه سيرتهم على ترتيب آثار الإمكان عند الشكّ فيه (٤) ؛ ومنع حجّيّتها لو سلّم ثبوتها (٥) ، لعدم قيام دليل قطعيّ على اعتبارها (٦) ،
__________________
ـ وخالفه المحقّق النائينيّ ، فذهب إلى أنّ المراد من الإمكان هو الإمكان التشريعيّ ، فيكون البحث عن أنّ التعبّد بالأمارات هل يستلزم محذورا في عالم التشريع ـ من تفويت المصلحة أو الإلقاء في المفسدة أو استلزامه الحكم بلا ملاك وغيرها من التوالي الفاسدة ـ أو أنّه لا يستلزمه؟ فوائد الاصول ٣ : ٨٨.
وخالفه أيضا السيّد الإمام الخمينيّ ، فأفاد أنّ المراد من الإمكان في المقام هو الإمكان الاحتماليّ ، كما هو المراد من الإمكان في قول الشيخ الرئيس : «كلّما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك ...» ـ شرح الإشارات ٣ : ٤١٨ ـ. والمراد من الإمكان الاحتماليّ هو الاحتمال العقليّ وعدم الحكم بأحد طرفي القضيّة بلا قيام البرهان عليه. والإمكان بهذا المعنى من الأحكام العقليّة. وهذا هو الإمكان المحتاج إليه فيما نحن بصدده ، فإنّ رفع اليد عن الدليل الشرعيّ لا يجوز إلّا بدليل عقليّ أو شرعيّ أقوى منه. أنوار الهداية ١ : ١٨٩ : ١٩٠.
هذا كلّه بعد اتّفاقهم على إمكان التعبّد بالظنّ ذاتا.
(١) أي : استحالة التعبّد وقوعا للزوم المحال.
والمدّعي هو ابن قبّة (أبو جعفر محمّد بن عبد الرحمن بن قبّة الرازيّ) على ما حكى عنه المحقّق في معارج الاصول : ١٤١.
(٢) وفي بعض النسخ : «أصل متّبع». والصحيح ما أثبتناه ـ كما في بعض النسخ ـ ، أو «بأصل متّبع» كما في بعض آخر.
(٣) تعريض بالشيخ الأعظم الأنصاريّ ، حيث أفاد أنّه إذا لم يقم دليل على إمكان الشيء ولا على استحالته ، بل كان كلّ منهما مشكوكا ، فالأصل لدى العقلاء هو الإمكان ، فإنّهم يرتّبون آثار الممكن على مشكوك الامتناع. راجع فرائد الاصول ١ : ١٠٦.
والمصنّف رحمهالله أورد عليه بالوجوه الثلاثة التالية.
(٤) هذا أوّل الوجوه من الوجوه الثلاثة التي أوردها المصنّف رحمهالله على الشيخ الأنصاريّ.
(٥) وهذا ثاني الوجوه.
(٦) أي : اعتبار السيرة.