وأضعف منه توهّم دلالة المشهورة (١) والمقبولة (٢) عليه ، لوضوح أنّ المراد بالموصول في قوله عليهالسلام في الأولى : «خذ بما اشتهر بين أصحابك» ، وفي الثانية : «ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الّذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك فيؤخذ به» هو الرواية ، لا ما يعمّ الفتوى ، كما هو أوضح من أن يخفى.
نعم ، بناء على حجّيّة الخبر ببناء العقلاء لا يبعد دعوى عدم اختصاص بنائهم على حجّيّته (٣) ، بل على حجّيّة كلّ أمارة مفيدة للظنّ أو الاطمئنان ، لكن دون إثبات ذلك خرط القتاد (٤).
__________________
(١) وهي مرفوعة زرارة. قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام ، فقلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيّهما آخذ؟
فقال : «يا زرارة! خذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذّ النادر».
قلت : يا سيّدي! إنّهما معا مشهوران مأثوران عنكم؟
قال : «خذ بما يقوله أعدلهما». عوالي اللئالي ٤ : ١٣٣ ، الحديث ٢٢٩ ؛ ومستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٣ ، الحديث ٢.
(٢) وهي مقبولة عمر بن حنظلة ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث ...؟ فقال : «ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الّذي حكما به المجمع عليه عند أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذّ الّذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإنّ المجمع عليه لا ريب فيه ...». وسائل الشيعة ١٨ : ٧٥ ـ ٧٦ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.
(٣) أي : حجّيّة خبر الواحد.
(٤) والحاصل : أنّ المصنّف رحمهالله ذهب إلى عدم حجّيّة الشهرة. وتبعه المحقّق النائينيّ في فوائد الاصول ٣ : ١٥٣ ـ ١٥٦ ، والمحقّق العراقيّ في نهاية الأفكار ٣ : ١٠١ ، والمحقّق الخوئيّ في مصباح الاصول ١ : ١٤٦.
وذهب السيّد الإمام الخمينيّ إلى أنّ الشهرة بين القدماء إلى زمان الشيخ الطوسيّ حجّة. أنوار الهداية ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢.