__________________
ـ ولا يخفى : أنّه يرد على الأمر الأوّل ما أفاده المحقّق الاصفهانيّ وأشار إليه المحقّق العراقيّ من أنّ موارد استعمال هذه الكلمة أوسع من مورد الغاية ، بل أنّها كلمة الشكّ وتستعمل في أمثال المقام في التحيّر وإبداء الاحتمال. راجع نهاية الدراية ٢ : ٢١٨ ـ ٢١٩ ، وهامش فوائد الاصول ٢ : ١٨٥.
وأورد المحقّق العراقيّ على الأمر الثاني بأنّ وجوب الإنذار على كلّ واحد بنحو الاستغراقيّ أيضا لا ينافي حمل الآية على صورة إفادة إنذارهم للعلم ، نظرا إلى إهمال الآية.
ثمّ إنّ السيّد الإمام الخمينيّ أيضا ذهب إلى منع جميع الامور الثلاثة :
أمّا الأمر الأوّل : فلأنّ الظاهر من موارد استعمالات كلمة «لعلّ» أنّ دعوى دلالتها مهما تستعمل على أنّ ما بعدها علّة غائيّة لما قبلها ممنوعة.
وأمّا الأمر الثاني : فلأنّ ظاهر الآية الشريفة أنّ المقصود حصول التحذّر القلبيّ حتّى يقوموا بوظائفهم ، فليست الآية في مقام بيان وجوب التحذّر.
وأمّا الأمر الثالث : فلأنّ الآية الشريفة مهملة من هذه الجهة ، فإنّها ليست في مقام بيان وجوب التحذّر. ومجرّد كون الجمع في أقواله تعالى استغراقيّا لا يوجب رفع هذا الإهمال.
أنوار الهداية : ١ : ٣٠٧ ـ ٣٠٩.
وأمّا المحقّق الأصفهانيّ : فقرّب الاستدلال بالآية الشريفة بوجهين :
الأوّل : أنّ كلمة «لعلّ» كلمة الشكّ ، فتفيد أنّ مدخولها واقع موقع الاحتمال ، فتدلّ الآية على احتمال تحقّق التحذّر عن العقوبة عند الإنذار خوفا من ترتّب العقوبة ؛ وهذا يكشف عن حجّيّة الإنذار ، إذ لو لم يكن الإنذار حجّة كان العقاب مقطوع العدم ، لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فلا معنى لاحتمال تحقّق التحذّر عن العقوبة خوفا من العقاب ، حيث لا خوف من العقاب فيما إذا لم يكن الإنذار حجّة.
الثاني : أنّ الإنذار إنّما يتحقّق فيما إذا حدث الخوف من العقاب بالإخبار ، فلا يصدق الإنذار على الإخبار إلّا إذا تحقّق به التخويف. ومعلوم أنّ إخبار المنذرين مجرّدا عن الحجّيّة لا يوجب التخويف ، فلا يصدق عليه الإنذار. فإذن نفس وجوب الإنذار في الآية كاشف عن حجّيّة إبلاغهم ، وإلّا لم يصدق عليه الإنذار كي يجب شرعا. راجع نهاية الدراية ٢ : ٢١٩ ـ ٢٢١.
ولا يخفى : ما في الوجه الأوّل من الضعف وما للوجه الثاني من القوّة.
أمّا الوجه الأوّل : فلأنّه كما يمتنع الترجّي من الله سبحانه كذلك يمتنع منه إظهار الاحتمال ، لاستلزامهما الجهل والعجز ، تعالى الله عنهما. فلا بدّ من حمل قوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) على إرادة بيان المحبوبيّة وتقريب الاستدلال على وجه ذكره المصنّف رحمهالله. ـ