عدم وجوبه ولو سلّم الإجماع على عدم وجوبه لو لم يكن هناك انحلال.
وأمّا المقدّمة الثانية : فأمّا بالنسبة إلى العلم (١) : فهي بالنسبة إلى أمثال زماننا بيّنة وجدانيّة ، يعرف الانسداد كلّ من تعرّض للاستنباط والاجتهاد. وأمّا بالنسبة إلى العلميّ : فالظاهر أنّها غير ثابتة ، لما عرفت من نهوض الأدلّة على حجّيّة خبر يوثق بصدقه ، وهو ـ بحمد الله ـ واف بمعظم الفقه ، لا سيّما بضميمة ما علم تفصيلا منها ، كما لا يخفى.
وأمّا [المقدّمة] الثالثة : فهي قطعيّة ، ولو لم نقل بكون العلم الإجماليّ منجّزا مطلقا ، أو فيما جاز أو وجب الاقتحام في بعض أطرافه كما في المقام حسب ما يأتي ؛ وذلك لأنّ إهمال معظم الأحكام وعدم الاجتناب كثيرا عن الحرام ممّا يقطع بأنّه مرغوب عنه شرعا ، وممّا يلزم تركه إجماعا.
إن قلت : إذا لم يكن العلم بها منجّزا لها للزوم الاقتحام في بعض الأطراف ـ كما أشير إليه (٢) ـ فهل كان العقاب على المخالفة في سائر الأطراف ـ حينئذ ـ على تقدير المصادفة إلّا عقابا بلا بيان؟ والمؤاخذة عليها إلّا مؤاخذة بلا برهان؟!
قلت : هذا إنّما يلزم لو لم يعلم بإيجاب الاحتياط ، وقد علم به بنحو اللمّ ، حيث علم اهتمام الشارع بمراعاة تكاليفه ، بحيث ينافيه عدم إيجابه الاحتياط الموجب للزوم المراعاة ، ولو كان بالالتزام ببعض المحتملات. مع صحّة دعوى الإجماع على عدم جواز الإهمال في هذا الحال وأنّه مرغوب عنه شرعا قطعا ، [وأمّا مع استكشافه] (٣) فلا تكون المؤاخذة والعقاب حينئذ بلا بيان وبلا برهان كما حقّقناه في البحث وغيره.
__________________
(١) وفي بعض النسخ سقط قوله : «فأمّا بالنسبة إلى العلم». وفي بعض آخر : «أمّا بالنسبة».
والصحيح ما أثبتناه.
(٢) قبل أسطر.
(٣) وفي بعض النسخ حذف ما بين المعقوفتين. وهو الصحيح ، للاستغناء عنه بقوله : «وقد علم به بنحو اللمّ».