وفيه : أوّلا ـ بعد تسليم العلم بنصب طرق خاصّة باقية فيما بأيدينا من الطرق غير العلميّة ، وعدم وجود المتيقّن بينها أصلا ـ أنّ قضيّة ذلك هو الاحتياط في أطراف هذه الطرق المعلومة بالإجمال ، لا تعيينها بالظنّ.
لا يقال : (١) الفرض هو عدم وجوب الاحتياط بل عدم جوازه.
لأنّ الفرض إنّما هو عدم وجوب الاحتياط التامّ في أطراف الأحكام ، ممّا يوجب العسر المخلّ بالنظام ، لا الاحتياط في خصوص ما بأيدينا من الطرق ، فإنّ قضيّة هذا الاحتياط هو جواز رفع اليد عنه في غير مواردها والرجوع إلى الأصل فيها ولو كان نافيا للتكليف.
وكذا فيما إذا نهض الكلّ على نفيه.
وكذا فيما إذا تعارض فردان من بعض الأطراف فيه نفيا وإثباتا مع ثبوت المرجّح للنافي ، بل مع عدم رجحان المثبت في خصوص الخبر منها ، ومطلقا في غيره بناء على عدم ثبوت الترجيح على تقدير الاعتبار في غير الأخبار.
وكذا لو تعارض اثنان منها في الوجوب والتحريم ، فإنّ المرجع في جميع ما ذكر من موارد التعارض هو الأصل الجاري فيها ولو كان نافيا ، لعدم نهوض طريق معتبر ، ولا ما هو من أطراف العلم به على خلافه ، فافهم.
وكذا كلّ مورد لم يجر فيه الأصل المثبت ، للعلم بانتقاض الحالة السابقة فيه إجمالا بسبب العلم به أو بقيام أمارة معتبرة عليه في بعض أطرافه بناء على عدم جريانه بذلك.
وثانيا : لو سلّم أنّ قضيّته (٢) لزوم التنزّل إلى الظنّ ، فتوهّم «أنّ الوظيفة حينئذ هو خصوص الظنّ بالطريق» فاسد قطعا. وذلك لعدم كونه أقرب إلى العلم وإصابة الواقع من الظنّ بكونه مؤدّى طريق معتبر ـ من دون الظنّ بحجّيّة طريق أصلا ـ
__________________
(١) هذا الإيراد ذكره الشيخ الأعظم الأنصاريّ من دون التعرّض لجوابه. ولكن أمر بالتأمّل فيه.
فرائد الاصول ١ : ٤٤٦.
(٢) وفي بعض النسخ : «وثانيا : قضيّته». والصحيح ما أثبتناه.