هو أرجح من الفعل أو ملازم لما هو الأرجح وأكثر ثوابا لذلك ، وعليه يكون النهي على نحو الحقيقة لا بالعرض والمجاز ، فلا تغفل (١).
وأمّا القسم الثاني (٢) : فالنهي فيه يمكن أن يكون لأجل ما ذكر في القسم الأوّل طابق النعل بالنعل. كما يمكن أن يكون بسبب حصول منقصة في الطبيعة المأمور بها ، لأجل تشخّصها في هذا القسم بمشخّص غير ملائم لها ، كما في الصلاة في الحمّام ، فإنّ تشخّصها بتشخّص وقوعها فيه (٣) لا يناسب كونها معراجا ، وإن لم يكن
__________________
ـ الأوّل. حاصله : أنّ المقصود بالنهي عن صوم عاشوراء هو الإرشاد إلى أن تركه أو ملازم تركه مشتمل على مصلحة أكثر من مصلحة فعله ، من دون أن يكون طلب الترك مولويّا ، بل تعلّق الطلب حقيقة بترك الصوم إرشادا. وعليه فلا يلازم اجتماع الحكمين في شيء واحد.
(١) وقد أورد السيّد الإمام الخمينيّ على ما أفاده المصنّف رحمهالله في الجواب عن إشكال القسم الأوّل بما حاصله : أنّ الترك عدميّ ، لا يمكن انطباق عنوان وجوديّ عليه ، ولا يمكن أن يكون ملازما لشيء ، فإنّ الانطباق والملازمة من الوجوديّات الّتي لا بدّ في ثبوتها للشيء من ثبوت ذلك الشيء. مناهج الوصول ٢ : ١٤٠.
وأورد عليه المحقّق النائينيّ أيضا بما حاصله : أنّه إذا فرض اشتمال كلّ من الفعل والترك على مصلحة فبما أنّه يستحيل تعلّق الأمر بكلّ من النقيضين في زمان واحد يكون المؤثّر في نظر الآمر إحداهما على تقدير كونها أقوى من الاخرى. وعلى تقدير التساوي تسقط كلتاهما معا عن التأثير ، لاستحالة تعلّق الطلب التخييريّ بالنقيضين ، فإنّه طلب الحاصل. وعليه يستحيل كون كلّ من الفعل والترك مطلوبا بالفعل.
ثمّ تصدّي لجواب آخر ، حاصله : أنّ الإشكال في اتّصاف العبادة المكروهة في هذا القسم إنّما نشأ من الغفلة عن أنّ متعلّق النهي فيها غير متعلّق الأمر ، فإنّ متعلّق الأمر هو ذات العبادة ومتعلّق النهي هو التعبّد بها ، لأنّ التعبّد بها منهيّ عنه ، لما فيه من المشابهة والموافقة لبني أميّة (لعنهم الله) ، فلا يلزم اجتماعهما في شيء واحد. فوائد الاصول ٢ : ٤٣٩ ، أجود التقريرات ٢ : ٣٦٥ ـ ٣٦٧.
ولكن ناقش السيّدان العلمان : الإمام الخمينيّ والسيّد الخوئيّ في ما أفاده المحقّق النائينيّ من وجوه. فراجع مناهج الوصول ٢ : ١٤١ ـ ١٤٢ ، والمحاضرات ٤ : ٣١٧ ـ ٣٢٥.
(٢) وهو ما تعلّق النهي بذات العبادة وكان لها بدل ، كالصلاة في الحمّام.
(٣) هكذا في جميع النسخ. ولكن الصحيح أن يقول : «فإنّ تشخّصها بوقوعها فيه ...». ويكون المعنى : فإنّ تشخّص الصلاة بوقوعها في الحمّام لا يناسب معراجيّتها.