ومعه لا وجه لتخصيص العنوان (١). واختصاص عموم ملاكه بالعبادات لا يوجب التخصيص به ، كما لا يخفى (٢).
كما لا وجه لتخصيصه بالنفسيّ (٣) ، فيعمّ الغيريّ إذا كان أصليّا (٤). وأمّا إذا كان تبعيّا (٥) فهو وإن كان خارجا عن محلّ البحث ـ لما عرفت أنّه (٦) في دلالة النهي ، والتبعيّ منه (٧) من مقولة المعنى ـ ، إلّا أنّه داخل فيما هو ملاكه ، فإنّ دلالته على الفساد ـ على القول به فيما لم يكن للإرشاد إليه ـ إنّما يكون لدلالته على الحرمة
__________________
(١) تعريض للشيخ الأنصاريّ ، حيث خصّ عنوان المسألة بالنهي التحريميّ وقال : «ظاهر النهي المأخوذ في العنوان هو النهي التحريميّ. وإن كان مناط البحث في التنزيهيّ موجودا. وذلك لا يوجب التعميم». مطارح الأنظار : ١٥٧.
والمحقّق النائينيّ اختصّ النزاع في المقام بالنهي التحريميّ والنهي التنزيهيّ المتعلّق بذات العبادة. ووافقه تلميذه المحقّق الخوئيّ. فراجع فوائد الاصول ٢ : ٤٥٥ ، والمحاضرات ٥ : ٥ ـ ٦.
(٢) إشارة إلى دفع توهّم.
أمّا التوهّم ، فحاصله : أنّ ملاك البحث وإن كان عامّا ، إلّا أنّ عموم الملاك تختصّ بالعبادات. وأمّا في المعاملات فملاك البحث ـ أي التنافي بين ما يقتضيه النهي وبين الصحّة ـ لا يعمّ التنزيهيّ ، ضرورة أنّه لا تنافي بين الكراهة والصحّة. واختصاص عموم الملاك بالعبادات يقتضي أن يكون المراد من النهي خصوص النهي التحريميّ ، حيث إنّ الصحّة في العبادات ينافي ما يقتضيه النهي من طلب الترك ، سواء كان لزوميّا أو لا ، لتضادّ الأحكام.
وأمّا الدفع ، فتوضيحه : أنّ عدم عموم الملاك في المعاملات لا يقتضي تخصيص النهي بالتحريميّ مع عموم الملاك بالنسبة إلى العبادات ، لأنّ التحفّظ على عموم العنوان الساري في جميع الأقسام ممكن بملاحظة طبيعيّ النهي من دون التقييد بمرتبة خاصّة.
(٣) بخلاف المحقّق النائينيّ وتلميذه السيّد الخوئيّ ، حيث ذهبا إلى أنّ لفظ «النهي» في مسألتنا هذه يختصّ بالنهي التحريميّ النفسيّ ، ولا يعمّ الغيريّ.
(٤) وهو ما يكون مدلولا للخطاب المستقلّ الصادر من الشارع بالدلالة المطابقة. كالنهي عن الصلاة في غير المأكول.
(٥) وهو ما لا يكون مدلولا للخطاب بالدلالة المطابقة ولا يكون مقصودا من اللفظ ، بل يكون لازما للمدلول باللزوم العقليّ ، كالصلاة الّتي تتوقّف على تركها إزالة النجاسة عن المسجد الّتي تعلّق بها الأمر.
(٦) أي : البحث.
(٧) أي : من النهي.