لكن منع دلالتها على اللزوم ودعوى كونها اتفاقيّة في غاية السقوط ، لانسباق (١) اللزوم منها قطعا.
__________________
ـ ثبوت المفهوم للقضيّة الشرطيّة متوقّفة على امور أربعة مترتّبة :
الأوّل : أن تكون بين الشرط والجزاء علاقة لزوميّة بأن تكون النسبة بينهما الوجوب بالقياس إلى الغير. فلو كانت القضيّة الشرطيّة اتّفاقيّة ، مثل : «إن كان الإنسان ناطقا كان الحمار ناهقا» فلا مفهوم لها.
الثاني : أن يكون التالي معلّقا على المقدّم ، والجزاء مترتّبا على الشرط ومتأخّرا عنه ، كأن يكون التالي معلولا للمقدّم. فلو كانا في رتبة واحدة ـ كما إذا كانا معلولي علّة ثالثة أو كانا متضايفين ـ أو كان التالي علّة للمقدّم فلا مفهوم لها.
الثالث : أن يكون ترتّب الجزاء على الشرط من باب ترتّب المعلول على العلّة التامّة. فلو كان الترتّب من باب ترتّب المعلول على العلّة الناقصة فلا مفهوم لها.
الرابع : أن يكون ترتّب الجزاء على الشرط من باب ترتّب المعلول على العلّة المنحصرة.
ولا يخفى : أنّه يمكن إرجاع الأمر الثالث إلى الأمر الثاني ، حيث لا ترتّب بين الشيء وما يعدّ علّة ناقصة له ، ضرورة أنّه لا علّيّة للعلل الناقصة ـ كما حقّق في محلّه ـ ، بل إنّما هي معدّات تهيّئ العلّة الحقيقيّة للتأثير في المعلول.
وفي الجملة : فالمعروف أنّ دلالة القضيّة الشرطيّة على المفهوم تتوقّف على دلالتها على أنّ الشرط علّة منحصرة للجزاء.
ومن هنا يظهر : أنّ القائل بعدم الدلالة في فسحة ، فله منع دلالتها على أحد الامور المذكورة.
والمحقّق العراقيّ خالف المشهور ، فذهب إلى أنّ مدار البحث في المفهوم على أنّ القضيّة المتكفّلة للحكم هل هي ظاهرة في تعليق شخص الحكم على الشرط أو ظاهرة في تعليق سنخ الحكم على الشرط. فيبحث في المقام عن مضمون الخطاب وما علّق على الموضوع ، فهل هو شخص الحكم أو سنخ الحكم؟ فعلى الأوّل لا تدلّ القضيّة على المفهوم ، إذ انتفاء الشرط إنّما يقتضي انتفاء شخص الحكم ، وهو لا ينافي ثبوت فرد آخر للحكم في غير مورد الشرط. وعلى الثاني تدلّ على المفهوم ، إذ انتفاء الشرط يقتضي انتفاء سنخ الحكم حتّى في غير مورد الشرط ، وهو ينافي ثبوته في غير مورد الشرط. مقالات الاصول ١ : ١٣٨ ، نهاية الأفكار ٢ : ٤٦٩ ـ ٤٧٠
(١) هكذا في جميع النسخ ، ولكن لا تساعد عليه اللغة. والمراد منه التبادر.