أنبأنا أبو علي الحداد ، أنا أبو نعيم (١) ، [نا محمّد بن سليمان](٢) ، نا محمّد بن أحمد بن إبراهيم ـ في كتابه ـ ثنا أحمد بن محمّد بن عاصم ، نا سعيد بن كثير بن يحيى ، حدّثني أبي كثير بن يحيى قال :
قدم سليمان بن عبد الملك المدينة ، وعمر بن عبد العزيز عامله عليها ، قال : فصلّى بالناس الظهر ، ثم فتح باب المقصورة واستند إلى المحراب ، واستقبل الناس بوجهه ، ثم نظر إلى صفوان بن سليم عن غير معرفة ، فقال : يا عمر من هذا الرجل؟ ما رأيت سمتا أحسن منه ، قال : يا أمير المؤمنين هذا صفوان بن سليم ، قال : يا غلام كيس فيه خمس مائة دينار ، فقال لخادمه : ترى هذا الرجل القائم يصلي فوصف للغلام حتى أتيته ، قال : فخرج الغلام بالكيس حتى جلس إلى صفوان ، فلما نظر إليه صفوان ركع وسجد ثم سلّم فأقبل عليه ، فقال : ما حاجتك؟ قال : أمرني أمير المؤمنين وهو ذا ينظر إليك وإليّ أن أدفع إليك هذا الكيس فيه خمس مائة دينار ، ويقول لك : استعن بهذا على زمانك ، وعلى عيالك ، فقال صفوان للغلام : ليس أنا بالذي أرسلت إليه ، فقال له الغلام : لست صفوان بن سليم؟ فقال : بلى ، أنا صفوان بن سليم ، قال : فإليك أرسلت ، قال : اذهب فاستثبت فإذا أتيت (٣) فهلمّ ، فقال الغلام : فأمسك الكيس معه وذهب ، فقال : لا ، إذا أمسكت فقد أخذت ، ولكن اذهب فاستثبت ، وأنا هاهنا جالس ، فولّى الغلام ، وأخذ صفوان بغلته (٤) وخرج فلم ير بها حتى خرج سليمان من المدينة.
أخبرنا أبو الفتح ناصر بن عبد الرّحمن بن محمّد ، نا نصر بن إبراهيم بن نصر ، أنا أبو الفرج عبد الله بن محمّد بن يوسف المراغي ، أنا عيسى بن عبد الله بن عبد العزيز الموصلي ، أنا أبو بكر بن صلة الحيوي السّنجاري بالمسجد الأقصى ، نا نصر بن عبد الملك السّنجاري ، نا إبراهيم بن بشّار الرّمادي قال : سمعت سفيان قال : وأتى رجل من أهل الشام في النوم كأن صفوان بن سليم أدخل الجنة في قميص كساه مسكينا قال : فدخل المدينة فسأل عنه فدلّوه عليه ، فقال : أخبرني عن قصة القميص ، فأبى أن يخبره ، فتحمّل عليه بأصحابه ، فقال : إني رأيت في النوم كأنه أدخل الجنة في
__________________
(١) الخبر في حلية الأولياء ٣ / ١٦٠ وسير الأعلام ٥ / ٣٦٨.
(٢) بين معكوفتين سقط من الحلية.
(٣) الحلية : استثبتّ.
(٤) الحلية وسير الأعلام : نعليه.