أهله ثم قال : «أمّا بعد ، فأشيروا عليّ في أناس أبنوا (١) أهلي ، وأيم الله إن علمت على أهلي من سوء قط ، وأبنوهم بمن (٢) ، والله إن علمت عليه سوءا قط ، ولا دخل على أهلي إلّا وأنا شاهد» ـ يعني صفوان بن معطل ـ [٥٢٠٦].
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا أبو طاهر المخلّص.
وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، أنا أبو بكر البيهقي (٣) ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا أبو العباس محمّد بن يعقوب ، قالا : أخبرنا رضوان بن أحمد ، أنا أحمد بن عبد الجبار ، نا يونس بن بكير ، عن محمّد بن إسحاق ، حدّثني محمّد بن إبراهيم التيمي ، قال : كان حسان بن ثابت قد كثّر (٤) على صفوان بن المعطّل في شأن عائشة ، ثم قال في بيت شعر يعرّض به فيه وبأشباهه فقال :
أمسى الجلابيب قد عزّوا وقد كثروا |
|
وابن الفريعة أمسى بيضة البلد (٥) |
فاعترضه صفوان بن المعطّل ليلا وهو آت من عند أخواله بني ساعدة ، فضربه بالسيف على رأسه ، فيعدوا عليه ثابت بن قيس بن شمّاس ، فجمع يديه إلى عنقه بحبل أسود فانطلق به إلى دار بني حارثة ، فلقيه عبد الله بن رواحة فقال له : ما هذا؟ فقال : ما أعجبك عدا على حسان بالسيف ، فقال : فو الله ما أراه إلّا قد قتله ، فقال : هل علم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما صنعت به؟ فقال : لا ، فقال : والله لقد اجترأت ، خلّ سبيله ، فيغدو على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيعلمه أمره ، فخلّا سبيله ، فلما أصبحوا غدوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكروا له ذلك ، فقال : «أين ابن المعطّل؟» فقام إليه فقال : ها أنا يا رسول الله ، فقال : «ما دعاك إلى ما صنعت؟» فقال : يا رسول الله أذاني وكثّر عليّ ، ثم لم يرض (٦) حتى
__________________
(١) ابن الرجل : اتهمه (اللسان).
(٢) إلى هنا نقله الذهبي في سير الأعلام ٢ / ٥٤٨ ـ ٥٤٩ من طريق عروة.
(٣) الخبر في دلائل النبوة للبيهقي ٤ / ٧٤ وما بعدها ، ورواه ابن هشام في السيرة ٣ / ٣١٧ ، ونقله أيضا ابن كثير في البداية والنهاية (بتحقيقنا).
(٤) عن البيهقي ، وبالأصل : ان.
(٥) الجلابيب : الغرباء ، وقيل : السفلة ، وقيل إنه لقب كان مشركو مكة يلقبون به أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم.
والفريعة : أم حسان ، وقوله : أمسى بيضة البلد أي منفردا لا يدانيه أحد.
قال أبو ذر : وهو في هذا الموضع مدح ، وقد يكون ذما ، وذلك إذا أريد أنه ذليل ليس معه غيره.
(٦) بالأصل : يرضى.