عرض في الهجاء ، فاحتملني الغضب ، وهذا أنا ، فما كان علي من حق فحدّني به ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ادعوا لي حسّان» ، فأتي به ، فقال : «يا حسان أتشوّهت على قوم أن هداهم الله للإسلام ، يقول تنفّست عليهم ، يا حسان أحسن فيما أصابك» فقال : هي لك يا رسول الله ، فأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم سيرين القبطية فولدت له عبد الرّحمن بن حسان ، وأعطاه أرضا كانت لأبي طلحة تصدّق بها على رسول الله صلىاللهعليهوسلم [٥٢٠٧].
أخبرنا أبو محمّد بن الأكفاني ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين محمّد بن الحسين ، أنا محمّد بن عبد الله بن عتّاب ، أنا القاسم بن عبد الله بن المغيرة ، حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس ، نا إسماعيل بن إبراهيم ، عن عمه موسى بن عقبة قال : ثم عروة بني المصطلق بالمريسيع فهزمهم الله عزوجل وسبا في غزوته تلك جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار ، فقسم لها ، فكانت من نسائه ، وزعم بعض بني المصطلق أن أباها طلبها فافتداها من رسول الله ثم خطبها فزوجه إياها ورجع معه عبد الله بن أبي سلول في عصابة من المنافقين ، فلما رأوا أن الله قد نصر النبي صلىاللهعليهوسلم وأصحابه ، ودفع عنهم أظهروا قولا سيئا في منزل نزله رسول الله صلىاللهعليهوسلم وكان في أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجل يقال له جعال (١) وهو زعموا أحد بني ثعلبة ، ورجل من بني غفار يقال له جهجاه فعلت أصواتهما واشتد على المنافقين ، وردا عليهم قولهم ، وزعموا أن جهجاها خرج بفرس (٢) لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وفرس له يومئذ يسقيهما ، فأوردهما على الماء فوجد على الماء فتية من الأنصار فتنازعوا على الماء ، فاقتتلوا فقال عبد الله بن أبيّ يومئذ : هذا ما جزونا ، أويناهم ومنعناهم ثم هؤلاء هم يقاتلونا ، وبلغ حسان بن ثابت الشاعر الذي بين جهجاه الغفاري وبين الفتية الأنصاريين ، قال فغضب وقال ـ وهو يريد المهاجرين من القبائل الذين يقدمون على رسول الله صلىاللهعليهوسلم للإسلام :
أمسى الجلابيب قد راعوا وقد كثروا |
|
وابن الفريعة أمسى بيضة البلد |
فخرج رجل من بني سليم مغضبا من قول حسّان ، فرصده ، فلما خرج ضربه السّلمي حتى قيل قتله ، لا يرى إلّا صفوان بن المعطّل ، فإنه بلغنا أنه ضرب حسّان بالسيف ، فلم يقطع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يده في ضربه بالسيف ، فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ضرب
__________________
(١) بالأصل : «بفرس له رسول الله ...».
(٢) انظر ترجمته في الإصابة ١ / ٢٣٥ وأسد الغابة ١ / ٣٣٩.