غريبا ، وإن كنت فيهم مسودا وإلى الخلفاء لموفدا وإن كانوا لقولك لمستمعين ولرأيك متّبعين ، رحمنا الله وإيّاك (١).
قال : وكان مصعب بن الزبير على الكوفة ، وكان حاضرا لقولها ، قال : ما رأيت كاليوم قطّ امرأة أفضح للرجال من هذه ، وخرج مصعب في جنازته أحلا حاسرا ، وتولى الصّلاة عليه.
أخبرنا أبو بشر محمّد بن شجاع ، أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمّد بن عبيد ، حدّثني أبو السّائب السّوائي ، حدّثني شيخ عن أبيه قال : مات الأحنف بن قيس في دار ابن أبي غضيفير (٢) بالكوفة ، فجاءت امرأة على بغل في رحاله وحولها جماعة ونساء ، فقالت : أيّها الأمير إن ابن عمي مات بأرض غربة فأذن لي أندبه فقال : شأنك ، فقالت : لله درك من مجنّ في جنن ، ومدرج في كفن ، أسأل الله الذي ابتلانا بفقدك ، وفجعنا بيومك ، أن يوسع لك في لحدك ، وأن يكون لك في يوم حشرك ، ثم أقبلت على الناس فقالت : أيّها الناس إنّ أولياء الله في بلاده ، شهوده على عباده ، وإنّا لقائلون حقّا ، ومثنون صدقا ، ثم قالت : أما والذي كنت من أمره إلى مدة ، ومن المضمار إلى غاية ، ومن الموت إلى نهاية ، الذي رفع عملك عند انقضاء أجلك ، لقد عشت جيدا مودودا ، ومتّ شهيدا فقيدا ، ولقد كنت في المحافل شريفا ، وعلى الأرامل عطوفا ، ومن الناس قريبا ، وفيهم غريبا وإن كنت لمسودا ، وإلى الخلفاء لموفدا ، وإن كانوا لقولك لمستمعين ، ولرأيك لمتبعين ، قال : فإذا هي امرأة من بني سعد.
قال : وحدّثنا عبد الله بن محمّد قال : حدّثني أبو عبد الله التيمي ، حدّثني عبد الرّحمن البجلي أنّ المرأة المتكلمة بهذا الكلام سودة بنت الحارث المنقرية.
قال : (٣) الأحنف بن قيس بالكوفة في الموضع الذي ينسب إلى جبل الشيخ.
قال : ونا عبد الله بن محمّد ، قال : وحدّثني محمّد بن صالح ، حدّثني أبو اليقظان العجيفي قال : جاء بموت الأحنف بن قيس رجل من بني يشكر فقال شاعر من بني تميم :
__________________
(١) الخبر نقله الذهبي في سير الأعلام ٤ / ٩٦ من طريق أبي عمرو بن العلاء.
(٢) كذا ، انظر ما مرّ فيه قريبا.
(٣) بياض بالأصل ، ولعله يريد : «مات».