حتى عقروا فرسي ، فترجّلت فقتلت منهم عشرة ، ولقيت من رجل منهم الموت الناقع ، حتى وجدت ريح الدم ، وهو معانقي ، ما يفارقني حتى أخذته للرماح من كل ناجية ، فالحمد لله الذي أكرمهم بيدي ، ولم يهنّي بأيديهم.
أخبرنا أبو غالب أحمد ، وأبو عبد الله يحيى ابنا أبي علي ، قالا : أنا أبو جعفر محمّد بن أحمد ، أنا محمّد بن عبد الرّحمن ، نا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار ، حدّثني محمّد بن الضحاك ، عن أبيه وعمي مصعب بن عبد الله ، عن الضحاك بن عثمان قال :
امترى مجلس من الأوس والخزرج : أيّهم كان أحسن بلاء يوم أحد؟ فمر بهم ضرار بن الخطّاب ، فقالوا : هذا ضرار قد قاتلنا يومئذ وهو عالم بما اختلفنا فيه ، فأرسلوا إليه فتى منهم رسالة ، فسأله : من كان أشجع يوم أحد الأوس أو الخزرج؟ قال : لا ، ما أدري ما أوسكم من خزرجكم ، ولكني زوّجت يومئذ أحد عشر منكم من الحور العين (١).
قال : ونا الزبير ، حدّثني محمّد بن الضحّاك عن أبيه :
أن عبد الله بن جحش التقى يوم أحد هو وضرار بن الخطّاب ، فلما عرفه ضرار قال : إليك يا ابن جحش ، وقد كان بلالا قد آلى أن لا يقتل مضريا ، فقال له عبد الله بن جحش : ما كان دمك يا عدو الله أعجب إليّ منه الآن حين جمعت كفرا وعصبة ، فنادى ضرار : يا معشر قريش ، اكفوني ابن جحش ، فانتظموه برماحهم.
وقال ضرار بن الخطّاب لأبي بكر الصّديق : نحن كنّا خيرا لقريش منكم ، نحن أدخلناهم الجنة وأنتم أدخلتموهم النار ، وهو أحد الأربعة من قريش الذين ظفروا الخندق يوم الأحزاب وشعره وحديثه كثير.
قال الزبير : وكان من فرسان قريش وشعرائهم ، وهو الذي يقول في يوم أحد (٢) :
القوم أعلم لو لا مقدمي فرسي |
|
إذ جالت الخيول بين الجزع (٣) والقاع |
__________________
(١) انظر الاستيعاب ٢ / ٢١٠ وأسد الغابة ٢ / ٤٣٦.
(٢) الأبيات في سيرة ابن هشام ٣ / ١٥٢.
(٣) الجزع : منعطف الوادع.