سَبِيلِ اللهِ قالَ) قال كان نبيهم أشموئيل بن أبال بن علقمة (هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا) قال : إنما سألوا ذلك انهم كانوا في مدينة لهم قد بارك الله لهم في مكانهم (١) لا يدخله عليهم عدوّ ولا يحتاجون إلى غيره ، قال : كان أحدهم يجمع التراب على صخرة ثم يبذر فيه الحبّ فيخرج الله عزوجل منه ما يأكل سنة هو وعياله ، ويكون لأحدهم الزيتونة فيعصر منها ما يأكل هو وعياله سنة ، فلما عظمت أحداثهم وانتهكوا محارم الله عزوجل وجاروا في الحكم نزل بهم عدوّهم ، فخرجوا إليهم ، وأخرجوا التابوت وكان يكون التابوت أمامهم في القتال فقدموا التابوت فسبي التابوت وكان عليهم ملكا يقال له إيلاف ، فأخبر الملك أن التابوت قد سبي ، واستلب فمالت عنقه فمات كمدا عليه ، فمرجت أمورهم فظهر عدوّهم وأصيب من أبنائهم ونسائهم ، فعند ذلك قالوا : (ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ : هَلْ عَسَيْتُمْ) فسأل الله عزوجل نبيهم أن يبعث لهم ملكا ، فأوحى الله عزوجل إليه أن انظر القرن (٢) الذي في بيتك فيه الدهن فإذا دخل عليك رجل يفنّش الدهن الذي في القرن فإنه ملك بني إسرائيل ، فادهن رأسه منه وملّكه عليهم ، فجعل ينظر من ذلك الرجل الداخل عليه ، وكان طالوت رجلا دبّاغا (٣) من سبط ابن يامين لم يكن فيه نبوة ولا ملك ، فخرج طالوت يطلب حمارا مع غلام له ، فمرّ ببيت أشموئيل النبي ، فدخل عليه مع غلامه ، فذكر له أمر حماره إذ نشّ الدهن في القرن ، فقام إليه النبي صلىاللهعليهوسلم فأخذه ، ثم قال لطالوت : قرّب رأسك ، فقرّبه ، فدهنه ، فقال : يا منشد الحمار هذا خير لك مما تطلب ، أنت ملك بني إسرائيل الذي أمرني ربّي أن أملّكه عليهم ، وكان اسم طالوت بالسريانية مبارك ، وخرج من عنده فقال الناس : ملك طالوت فماتت عظماء بني إسرائيل النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا له : ما شأن طالوت يملّك علينا؟ وليس له من بيت النبوة ولا المملكة ، وقد عرفت أن الملك والنبوة في آل لاوي ، وآل يهوذا ، قال : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ)(٤) للذي سبق له أنه ملككم (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)(٥) فيه تقديم ـ يعني في الجسم والعلم ـ كان أطولهم بسطة رجل.
__________________
(١) في الطبري ١ / ٢٧٤ «في جبلهم من إيليا».
(٢) القرن بالتحريك : الجعبة من جلود تكون مشقوقة ثم تخرز.
(٣) زيد في الكامل لابن الأثير ١ / ١٥٢ وقيل : كان سقاء يسقي الماء ويبيعه (وهو قول عكرمة والسدي) ، ونقل القرطبي في أحكامه : أنه كان مكاريا ، وكان عالما.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ٢٤٧.
(٥) سورة البقرة ، الآية : ٢٤٧.