وقال الحسن : لم يكن بأعلمهم ، ولكن كان أعلمهم بالحرب ، فذلك قوله (فِي الْعِلْمِ) أنه كان مجربا (وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشاءُ) ـ يعني الملك بيد الله عزوجل يضعه الله حيث يشاء ، ليس أن تخبروا ، وكان طالوت رجلا قيرا ، مغمورا فيهم بالدين ، فمن ذلك قالوا : (وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمالِ)(١) وكيف يكون له الملك علينا وهو مغمور بالدين ، قالوا : ما آية ذلك نعرفه أنه ملك؟ قال : آيته (أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ)(٢) فقالوا : إن ردّ علينا التابوت فقد رضينا وسلمنا ، وكان الذين أصابوا التابوت أسفل من جبل إيليا فيما بينهم وبين مصر ، وكانوا أصحاب أوثان وكان فيهم جالوت ، وكان له جسم وخلق وقوة في البطش ، وشدة في الحرب ، فلما وقع التابوت في أيديهم يجعلوا التابوت في قرية من قرى فلسطين فوضعوه في بيت أصنامهم ، فأصبحت أصنامهم منكوسة ، وكان لهم صنم ـ كبير أصنامهم ـ من ذهب ، وكان له حدقتان من ياقوتتين حمراوين ، فخرّ ذلك الصنم ساجدا للتابوت ، واتجرت حدقتان على وجنتيه يسيل منها الماء ، فلما دخلت سدنة بيت أصنامهم ورأوا ذلك نتفوا شعورهم ، ومزّقوا جيوبهم ، وأخبروا ملكهم ، وسلط الله عزوجل النار على أهل تلك القرية ، فتجيء الفأرة إلى الرجل فتأكل جوفه وتخرج من دبره وهو نائم ، حتى طافت عليهم ، فماتوا ، فقالوا : ما أصابنا هذا إلّا في سبب هذا التابوت ، فأرادوا حرقه ، فلم تحرقه النار ، وأرادوا كسره فلم يحك فيه الحديد ، فقالوا : أخرجوه عنكم ، فوضعوه على ثورين على عجلة فسيبوه فساقته الملائكة إليهم.
وذكر أبو حذيفة في حديث قبل هذا ، رواه عن عثمان بن أبي الساج ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : أن أشموئيل بن حبة بن بال بن علقمة وعصبته يزعمون أنه كان من ولد يهصر بن قاحت ، ويقال : فاهت بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام.
أنبأنا أبو القاسم العلوي ، أنا أبو الحسن (٣) بن أبي الحديد ، أنا أبو عبد الله محمّد بن يوسف ، نا محمّد بن حمّاد ، نا عبد الرّزّاق ، أنا معمر ، عن قتادة في قوله
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٤٧.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٤٨.
(٣) بالأصل : أبو الحسين.