أنبأنا أبو الوحش سبيع بن مسلّم ، وأبو تراب حيدرة بن أحمد ، قالا : ثنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن بن رزقوية ، أنا أحمد بن سيدي ، نا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا أبو إلياس ، عن وهب بن منبّه ، قال :
لما تقدم داود دخل يده في مخلاته ، فإذا ثلث الحجارة الثلاثة صارت حجرا واحدا ، قال : فأخرجه ، فوضعه في مقلاعه وأوحى الله إلى الملائكة أن أعينوا عبدي داود وانصروه ، قال : فتقدم داود وكبّر ، قال : فأجابه الخلق غير الثقلين ، الملائكة وحملة العرش ، فمن دونهم ، فسمع جالوت وجنده شيئا ظنّوا أن الله قد حشر عليهم أهل الدنيا ، وهبّت ريح وأظلمت عليهم ، وألقت بيضة جالت ، وقذف داود الحجر في مقلاعه ، ثم أرسله فصار الحجر ثلاثة ، فأصاب أحدهم جبهة جالوت فنفذها منه فألقاه قتيلا ، وذهب الحجر الآخر ، فأصاب ميمنة جند جالوت ، فهزمهم ، والثالث أصاب الميسرة فهزمهم (١) ، وظنّوا أن الجبال قد خرّت عليهم ، فولّوا مدبرين ، وقتل بعضهم بعضا ، ومنح الله بني إسرائيل أكتافهم حتى أبادوهم ، وانصرف طالوت ببني إسرائيل مظفّرا قد نصرهم الله على عدوّهم ، فزوج ابنته من داود (٢) ، وقاسمه نصف ماله ، وكان لا يرى رأيه ، فاجتمعت بنو إسرائيل ، فقالوا : تخلع طالوت ، وتجعل علينا داود فإنه من آل يهودا وهو أحقّ بالملك من هذا ، فلما أحسّ طالوت بذلك وخاف على ملكه أراد أن يغتال داود فيقتله ، فأشار عليه بعض وزرائه أنك لا تقدر على قتله إلّا أن تساعدك ابنتك ، فدخل طالوت على ابنته فقال لها : يا بنية إني أريد أمرا أحب أن تساعديني عليه ، قالت : وما ذاك يا أبة؟ قال : إني أريد أن أقتل داود فإنه قد فرّق علي الناس ، واختلفوا ، فقالت : يا أبت زعمت أنك تريد أن تقتل داود لما أفسد عليك ، واعلم أن داود رجل له صولة شديدة لغضب أمر عليك إن لم تستطع (٣) قتله إن ظفر بك قتلك (٤) ، فإذا أنت قد لقيت الله قائلا لنفسك ، مستحلا لدم داود ، وعجبا منك وممن أعرف من حلمك وسداد رأيك كيف إسلامك إلى هذا الرأي القصير؟ وهذه الحيلة الضعيفة بالتقدم على داود ،
__________________
(١) في الكامل لابن الأثير : فوقع الحجر بين عينيه فنقب رأسه فقتله ، ولم يزل الحجر يقتل كل من أصابه ينفذ منه إلى غيره فانهزم عسكر جالوت.
(٢) ذكر في مروج الذهب ١ / ٥٢ أن طالوت أبى أن يفى لداود ما تقدم من شرطه ، فلما رأى ميل الناس إليه زوّجه ابنته وسلّم إليه ثلث الجباية وثلث الحكم وثلث الناس.
(٣) بالأصل : تستطيع.
(٤) بالأصل : قتله.