عبد الوهاب السّلمي ، أنا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن يزيد الزهري ، نا عمي عبد الرّحمن بن عمر ، لقبه رستة (١) ، نا أبو قتيبة ، نا فرج بن فضالة ، نا أبو هريرة الحمصي عن صدقة الدمشقي :
أن رجلا سأل ابن عبّاس عن الصّيام ، فقال : لأحدّثنك بحديث كان عندي في التخت (٢) مخزونا ، إن شئت أنبأتك بصيام داود ، فإنه كان صوّاما قوّاما ، وكان شجاعا لا يفرّ إذا لاقى ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أفضل الصّيام صيام داود» ، وكان يقرأ الزبور سبعين صوتا يكون (٣) فيها ، وكانت له ركعة من آخر الليل ، وكان يبكي فيها نفسه ، ويبكي لبكائه كل شيء ، ويضطرب لصوته المهموم والمحموم.
وإن شئت أنبأتك بصوم ابنه سليمان ، فإنه كان يصوم من أول الشهر ثلاثة أيام ، ومن وسطه ثلاثة أيام ، ومن آخره ثلاثة أيام ، يستفتح الشهر بصيام ، ووسطه بصيام ، ويختمه بصيام.
وإن شئت أنبأتك بصيام ابن (٤) العذراء البتول عيسى بن مريم ، فإنه كان يصوم الدهر ، ويأكل الشعير ، ويلبس الشعر ، يأكل ما وجد ، ولا يسأل عمّا فقد ، ليس له ولد يموت ولا بيت يخرب ، وكان أينما أدركه الليل صفق بيديه وقام يصلي حتى يصبح ، وكان راميا لا يفوته صيد يريده ، وكان يمرّ بمجال من بني إسرائيل فيقضي لهم حوائجهم ، وإن شئت أنبأتك بصوم أمّه مريم ابنة عمران فإنها كانت تصوم يوما وتفطر يومين ، وإن شئت أنبأتك بصوم النبي صلىاللهعليهوسلم العربي الأميّ محمّد صلىاللهعليهوسلم ، فإنه كان يوم من كل شهر ثلاثة أيام ، ويقول : «إنّ ذلك صوم الدهر» [٥١٥٤].
أخبرنا أبو عبد الله محمّد بن الفضل ، أنا محمّد بن عبد الله بن عمر ، أنا عبد الرّحمن بن أحمد بن محمّد ، نا محمّد بن أحمد بن عبد الجبار ، نا حميد بن زنجويه ، نا أحمد بن عبد السلام بن سلم ، عن أبي فضالة ، عن صدقة ، عن ابن عباس قال :
__________________
(١) تقرأ بالأصل : «وشقه» والصواب ما أثبت ، ترجمته في سير الأعلام ١٢ / ٢٤٢.
(٢) التخت : وعاء تصان فيه الثياب (اللسان).
(٣) كذا وفي مختصر ابن منظور ١١ / ٧٥ «يلوّن فيها» وهو أشبه.
(٤) بالأصل : أبي العذراء.