السلطان بما وقع من جبغا فأنكر ما وقع لأرغون شاه ، ورسم لأمراء دمشق أن يحاربوا جبغا فخرج عليه عسكر دمشق قاطبة ، وحاربوه وهو في طرابلس فانكسر وقبضوا عليه وشنقوه. وفي سنة (٧٥٤) قدمت على رواية ابن سباط مراكب الفرنج إلى صيدا فقتلوا طائفة من أهلها وأسروا جماعة وقتل منهم خلق كثير وكسر مركب من مراكبهم ، فوصل الصريخ إلى دمشق ، فاجتمعت العساكر من صفد ودمشق وأسرعوا إلى فك الأسرى ، وأخذوا من ديوان الأسرى ثلاثين ألفا وأعطوا عن كل رأس خمسمائة درهم.
وإن الخلل الذي طرأ على السلطنة بمصر بعد ذهاب عظماء السلاطين من أولاد قلاوون وسرعة قتلهم واستخلاف غيرهم من المماليك ، قد سرى من شرارته شيء كثير في هذه الحقبة من الزمن ، ومسألة اليحياوي مع أرغون شاه مثال منها. ومن أمثلة الخلل في تلك الدولة خروج بيبغا أروس نائب حلب عن الطاعة ، وكذلك بكلمش نائب طرابلس ، وأحمد نائب حماة ، الطنبغا برقاق نائب صفد ، ولم يبق على الطاعة إلا نائب دمشق أرغون الكاملي ، فأرسل يخبر السلطان في مصر بما جرى من النواب ، ثم اضطر نائب الشام إلى الهرب تحت الليل هو ومماليكه وتوجه إلى غزة ، ليعلم السلطان والأمراء بما جرى ، والتف على بيبغا أروس العربان والعشائر مع العساكر الحلبية والشامية وكان معه نحو ستين أميرا لما فتح دمشق واستعرض العساكر بها ثم أرسل إلى نائب قلعة دمشق يطلب منه إطلاق أمير كان مسجونا فيها فاعتذر عن ذلك إلا بمرسوم السلطان ، وحصن القلعة تحصينا عظيما ، وركب عليها المكاحل بالمدافع ، وأرسل يقول لأهل المدينة : لا تفتحوا دكانا ولا سوقا ولا تبيعوا عسكر حلب شيئا ، فلما بلغ بيبغا ذلك اشتد به الغضب ، وأمر عسكره بأن ينهبوا ضياع دمشق والبساتين ويقطعوا الأشجار ، فلما سمعوا هذه المناداة ما أبقوا ممكنا من الأذى والفساد ، فنهبوا حتى النساء والبنات والقماش ، وجرى على أهل دمشق من بيبغا ما لم يجر عليهم من عسكر غازان لما دخل دمشق.
ثم إن سلطان مصر جهز عسكرا عظيما وجعل عليهم من أمراء الطبلخانات