توجه إلى حلب جاء نعير بن جبار أمير آل فضل ونهب ضياع دمشق ، وكان نعير عاصيا على السلطان وهو من أنصار منطاش وأخرب غالب إقليم دمشق ونهب ضياعها ، فلما بلغ نائب دمشق مجيء نعير خرج إليه وأوقع معه واقعة قوية في قرية الكسوة فانكسر نائب دمشق وقتل من عسكره جماعة. أما منطاش فلما بلغه مجيء السلطان من مصر هرب إلى التركمان.
ولما عاد سلطان مصر إلى عاصمته (٧٩٤) هجم نحو خمسة عشر مملوكا وقيل خمسة أنفس على نائب قلعة دمشق وتوجهوا نحو السجن الذي بها وأخرجوا من كان به من المحابيس من عصبة منطاش وكانوا نحو مئة مملوك ، فقويت شوكتهم بالسجناء وهجموا على نائب القلعة وقتلوه وملكوا القلعة ، فقاتلهم عسكر دمشق وحاصروا من بالقلعة فقتل من عسكر دمشق جماعة ثم هجم العسكر على باب القلعة وأحرقوه ودخلوا إليها وقبضوا على المماليك كلهم ووسطوهم (أي قطعوهم نصفين) تحت باب القلعة وأمسكوا الثائرين فلم يبق منهم إلا من هرب.
وعاد منطاش (٧٩٤) فحاصر حلب مع التركمان فخرج إليه عسكرها وأوقعوا معه واقعة فكسروه ورجع هاربا إلى الفرات ، ثم اتفق منطاش ونعير بن جبار أمير العربان (٧٩٥) بمن معهما من العسكر وحاصروا حماة فخرج إليهم نائبها فأوقع معهم واقعة قوية فانكسر نائب حماة وهرب ، فدخل منطاش ونعير إلى المدينة ونهبوا أسواقها وأخذوا أموال التجار ، فلما بلغ ذلك نائب حلب ركب هو في عساكر حلب وكبس على بلاد نعير ونهب أمواله وأخذ أولاده ونساءه وأحرق بيوته وقتل من عربانه كثيرا ، فأرسل نعير يطلب من نائب حلب أولاده ونساءه الذين أسرهم فأرسل نائب حلب يقول له : ما أطلق لك أولادك ونساءك حتى تسلمنا منطاش. وكان منطاش قد تزوج من بنات نعير واستنسل منهم. فلما رأى نعير أن السلطان ونائب حلب عليه وقد نهبوا أمواله ومواشيه وأسروا أولاده ونساءه ، قصد أن يرضي السلطان بإمساك منطاش حتى يزول ما عنده مما جرى منه في حق السلطان ، فندب نعير إلى منطاش أربعة عبيد قبضوا عليه فلما وقع في أيديهم أخرج من تكته خنجرا شق به بطنه فغشي عليه فحمله العبيد وأتوا به إلى نعير فقيده وأرسله إلى نائب