وزعيم من زعمائه ، وأخذ من الفقهاء والعلماء ، وحفاظ القرآن والفضلاء ، وأهل الحرف والصناعات ، والعبيد والنساء والصبيان والبنات ، ما لا يسعه الضبط.
ولما رحل تيمور عن دمشق ، وقد أصبحت أطلالا لا مال ولا رجال ولا مساكن ولا حيوان ، صار من بقي فيها من عسكر السلطان ومن أهلها يجتمعون ويترافقون ، ويخرجون من دمشق إلى الديار المصرية فيخرج عليهم العربان والعشير ، وينهبون ما معهم ويعرونهم ولم يتركوا لهم غير اللباس في وسطهم ، فجرى عليهم من العربان والعشير ما لم يجر عليهم من عسكر تيمور ، فذهبت حرمة المملكة ولم يبق للسلطان قيمة ولا للترك حرمة ، فعزم السلطان الناصر على العود إلى دمشق ، ثم بلغه أن تيمور رحل عن دمشق وهو مريض فعدل عن حملته ، وأرسل تيمور إلى صاحب مصر سودون نقيب قلعة دمشق يعتذر له مما قد جرى ، ويطلب قريبه الذي كان أسر في أيام الظاهر برقوق ، وأنه إذا أطلقه يطلق ما عنده من الأسرى ، فأطلقه وكساه السلطان وأحسن إليه ، فلما وصلوا إلى تيمور أكرمهم وقبل مراسيم السلطان وتفارش وبكى واعتذر مما وقر منه وقال هذا كان مقدرا.
رحل تيمور عن دمشق ولم يتعدها إلى فلسطين ، وكان علماء القدس انتدبوا رجلا وجهزوه بمفاتيح الصخرة إلى تيمور لما بلغهم أخذه دمشق فلما كان بالطريق بلغه رجوعه فرجع.
وكانت أكثر المدن الصغرى في أواسط الشام قد خضعت وصافت بحكم الطبيعة ومنها طرابلس أحضر له منها مال وقد اجتاح بعلبك ونهبها ، ولما وصل الجبول في عودته لم يدخلها وأمر بتخريبها وإحراقها ، وحرق حلب مرة ثانية وهدم أبراج القلعة وأسوار المدينة والمساجد والجوامع والمدارس ، وقتل وأسر كل من وجدهم في طريقه ، وأخذ من كان في قلعة حلب من المعتقلين خلا القضاة فأطلق موسى الأنصاري وعمر بن العديم وجماعة معهما ، وأخذ بقيتهم فمنهم من هرب من الطريق ، ومنهم من وصل معه. قفل تيمور راجعا بعد أن أذاق الشام كأس الذل والحمام ، وربما إذا جمعت جملة تخريباته لا يتأتى وقوع مثلها في مئات من الأعوام عملها بجيشه الجرار في عشرات من الأيام وقال : إن ما فعله كان مقدرا فكأنه شعر بعظم تبعته على عادة الفاتحين السفاكين ، بيد أنه كان مغرى