وبسرفوث وكفرلاما من أعمال الفرنج. قال صاحب الكامل : كان الفرنج بعد قتل والد نور الدين قد طمعوا وظنوا أنهم بعده يستردون ما أخذه ، فلما رأوا من نور الدين هذا الجد في أول أمره علموا أن ما أملوه بعيد وخاب ظنهم وأملهم وبينا كان نور الدين يجمع شمله لضرب الفرنج في مقتل من مقاتلهم للقضاء على قوتهم التي ظهر له ضعفها يوم استرد أبوه منهم الرّها ، وردت الأخبار من قسطنطينية أن حملة عظيمة قادمة من بلاد الفرنج وهي المعروفة بالحملة الصليبية الثانية مؤلفة من فرنسيس بقيادة لويز السابع ، وألمان بزعامة كونراد الثالث ، وفي الجيش إنكليز وفلامنديون وطليان ، ومن هؤلاء البنادقة والجنوية والبياسنة (البيزيون) وذلك لإنجاد الصليبيين في الشام ، إذ ساءت حالهم بعد سقوط الرّها وقلّ فارسهم وراجلهم لأن سيوف التركمان والأكراد والعرب قد حصدتهم ، وعلى كثرة تناسلهم مدة نصف قرن صبحوا في قلة وأصبح أعداؤهم في كثرة.
تجمعت هذه الحملة بتحميس القديس برناردوس في الغرب ، وكان له كما لرؤساء الدين السلطان الأكبر على النفوس يصرفها كما يشاء. وذكر المؤرخون أن عدد هذا الجيش كان ألف ألف عنان من الرجالة والفرسان وقيل أكثر من ذلك. وفي التاريخ العام أن كلا من الجيش الألماني والجيش الفرنسي كان مؤلفا من سبعمائة ألف فارس ما عدا الرجالة الذين لا يحصى عددهم ، وأن الروم قدروا مجموعه سبعمائة الف رجل. قال وهو تقدير ظاهر المبالغة. واختار هذا الجيش طريق البر وعرض عليه روجر صاحب بوليه وصقلية أن يسافر بحرا لأنه كان ينوي الاستعانة بجيش الصليبيين ليدفع المسلمين عن دياره ، وكانوا احتلوا سركوزة ، فلقي جيش الصليبيين من صاحب القسطنطينية وأمراء بني سلجوق في آسيا الصغرى ضروب القهر والمرت. قال مؤرخونا : واستمر القتل فيهم أي في الصليبيين إلى أن هلك العدد الدثر منهم ، وحل بهم من عدم القوت والعلوفات والمير وغلاء السعر ما أفنى الكثير منهم.
وصلت مراكب الفرنج (٥٤٣) إلى ساحل البحر كصور وعكا ، وأجمع من كان بها من الفرنج بعدما فني منهم أي من القادمين من طريق البر بالقتل والمرض والجوع نحو مائة ألف إنسان أن يقصدوا بيت المقدس. ولما قضوا مفروض حجهم عاد من عاد بعد ذلك إلى أوطانهم في البحر ، وبقي ملك الألمان أكبر