أن بايزيد بن عثمان أرسل إلى أهل دمشق نحو ثلاثين اتفاقية من النصارى ووضع عنهم جزية ثلاث سنين لقتال أهلها ، وكل إشاعة من هذا القبيل كانت تفتح السبيل لنائب دمشق فيجمع من أهلها مالا فإذا صحت استعان بها والغالب أنها لا تصح. وفي هذه الأثناء (٨٩٢) فحش أمر خضر بك نائب القدس وتزايد ظلمه وسفكه الدماء وأخذ أموال الناس. وفي سنة (٨٩٣) استقر الأمير دقماق في نظر الحرمين ونيابة القدس والخليل ببدل عشرة آلاف دينار للخزائن الشريفة غير ما تكلفه لأركان الدولة قال ابن أبي عذيبة : وكان ذلك من أقبح الأمور وأبشعها فإن ناظر الحرمين ناصر الدين بن النشاشيبي كان من أهل الخير والصلاح فأبدل بظالم فاجر.
وفي سنة (٨٩٣) استولى عسكر ابن عثمان على قلعة اياس من غير قتال وبعث ستين مركبا من البحر مشحونة بالسلاح والعسكر إلى جهة باب الملك ليقاطع بها على العسكر المصري فما تم له ما أراد. واستخلص جيش السلطان باب الملك من ابن عثمان فجاءت العاصفة وغرقت غالب المراكب ومن طلع إلى البر من العسكر العثماني قتله العسكر المصري. قال ابن إياس : وكانت لهم النصرة على الجنود العثمانية وكانت على غير القياس.
ووقعت (٨٩٣) معركة بين عسكر مصر وعسكر ابن عثمان في أطراف الولاية الحلبية قتل فيها من الفريقين ألف وانهزم العثمانيون ، وشرع العسكر المصري في حصار الجند العثماني في أذنة ، ودام حصارها ثلاثة أشهر قتل فيها من الفريقين خلق حتى استولى عليها عسكر المماليك ، ثم رجع في السنة التالية فطمع عسكر ابن عثمان في أخذ الديار الحلبية فأرسل سلطان مصر تجريدة لحفظ مدينة حلب ثم جرد تجاريد أخرى على ابن عثمان. قال ابن إياس : وطال الأمر بين السلطان وبين ابن عثمان في أمر هذه الفتن فزحف العسكر المصري والعسكر الشامي على أطراف مملكة ابن عثمان ووصلوا إلى قيسارية وأحرقوها وفتكوا بأهلها وكذلك فعلوا في كثير من عمالاته.
وفي سنة (٨٩٤) كان الفناء العظيم والغلاء الشديد في الديار المصرية والشامية ومات خلق لا يحصى ، واشتد ظلم نائب القدس على من اتهم بالتقصير في المهم الشريف ببلاد الروم ، وقبض على بني إسماعيل مشايخ جبل نابلس ، ومن الناس