السلطان سليم رجال السفير وأراد أن يقتل السفير نفسه فوقع وزيره على قدميه وشفع فيه ، وقال له : إن ذلك مخالف لحقوق الدول فالسفراء لا يقتلون ، فاكتفى السلطان بحلق شعر السفير ولحيته ، وأركبه على حمار أعرج أجرب إلى صاحبه الغوري جزاء ما قدمت يداه فيما يقال من امتهان الغوري رسل السلطان العثماني.
وترددت الرسل بين السلطانين في مرج دابق أولا ، وكان ابن عثمان فوض إلى رسله أن يتظاهروا بطلب سيدهم للصلح ليثني بذلك عزم الغوري عن القتال ، وقد أحضر سلطان العثمانيين فتاوى من علماء مملكته يجيزون له قتل الشاه إسماعيل الصفوي ، وأرسل يقول للغوري : أنت والدي وأسألك الدعاء لكن لا تدخل بيني وبين الصفوي ـ بينا الأمر على ذلك وقد خلع الغوري على قصاد ابن عثمان الخلع السنية ، وأرسل إليه ابن عثمان يطلب منه سكرا وحلوى وأرسل له منها مائة قنطار في علب كبار عدا الهدايا والتحف ، هجم سلطان العثمانيين على ملك الشراكسة وكسره شر كسرة في وقعة دامت من طلوع الشمس إلى ما بعد الظهر ، فقتل من عسكر ابن عثمان ومن عسكر الغوري خلق كثير ، فلما تحقق الغوري أنه غلب أصابه للحال فالج أبطل شقه وأرخى حنكه ، واستعد للركوب فمشى خطوتين وانقلب عن الفرس إلى الأرض وفاضت روحه من شدة قهره ، وأكثر المؤرخين على أنه لم تظهر جثته في المعركة. ويقول بعض مؤرخي الترك : إن جاويشا من الجيش العثماني أمر بأن يبحث عن جثة قانصوه الغوري فقطع رأسه وقدمه إلى السلطان سليم ، فامتعض منه السلطان وأمر أن يضرب عنقه لتزلفه إلى مولاه بقطع رأس الملك المقتول ، ولو لا أن الوزراء توسطوا له لما صرف السلطان النظر عن قتل الجاويش مكتفيا بعزله.
وذكروا أن الغوري قد خانه لأول الأمر ثلاثة عشر ألفا من جيشه ، وامتنعوا عن الحرب عند الصدمة الأولى وأبوا قتال الأتراك ، ومن الأمراء الذين كانوا موالسين على الغوري وضلعهم مع السلطان سليم خير بك نائب حلب وجان بردي الغزالي نائب حماة ، فإن السلطان سليما كان فاوضهما