والجند فأخذوا دستورا إلى مواطنهم ليقضوا فيها فصل الشتاء بعد أن استراح اثني عشر يوما في المصطبة.
وذكر ابن طولون أن النائب بدمشق ابن يخشي نادى في ٢ ذي الحجة (٩٢٢) بالأمان والاطمئنان ، وأن لا ظلم ولا عدوان ، ولا يحمل أحد سلاحا ، وأن لا يتكلم أحد فيما لا يعنيه.
سار السلطان عن طريق البر إلى غزة فعصت عليه ففتحها حربا ، والتقى جيش العثمانيين مع جيش المصريين في خان يونس بين غزة والعريش ، فشتت الجيش العثماني الجيش المصري ، ثم عصت غزة والرملة فقمع ثائر الغزاة فيها ، وكانت الوقعة المهمة بين عسكر مصر وعسكر ابن عثمان على الشريعة بالقرب من بيسان اندحر فيها المصريون وقاد جندهم الغزالي. قال ابن طولون : وفي ١٦ ذي الحجة (٩٢٢) التقى سنان باشا الوزير الأعظم لملك الروم مع جان بردي الغزالي وكسر الغزالي فدقت البشائر بقلعة دمشق وسيب بها نفط كثير ثم نادى النائب بالزينة واستمرت مدة أسبوع.
ذهب السلطان سليم في جيشه إلى مصر وقتل الملك الذي كان بايع له المصريون بعد هلاك السلطان الغوري واسمه طومان باي ، ففتح القطر المصري على أيسر سبب. قال ابن طولون : ولما وردت البشائر بفتح مصر زينت دمشق سبعة أيام ودارت مبشرو الأروام على بيوت الأكابر والحارات بالطبول والنايات ثم أتبعوها بزينة سبعة أيام لما ورد الخبر بأن السلطان سليما أفنى الشراكسة وعاد السلطان عن طريق البر إلى الشام بعد تغيبه ثمانية أشهر ودخل دمشق (١١ رجب ٩٢٣) وفي يوم ٢٢ منه طلبت العساكر النزول في البيوت فهجموا على النساء وتضرر الخلق بذلك ضررا زائدا وتحقق أن السلطان عزم على الإقامة بدمشق فغلت الأسعار وعند ذلك شرع بعمارة تربة ابن عربي وصرف عليها عشرة آلاف دينار. ومن غريب التوفيق أن السلطان سليما كان أعد في ذهابه إلى مصر خمسين ألف جمل لحمل المياه في الصحراء التي تفصل الشام عن مصر فأمطرت السماء مطرا غزيرا أغنى جيشه عن ماء الروايا ، وسهل عليه قطع صحراء التيه.
وبينا كان السلطان سليم سائرا إلى مصر تأخر من جماعته في الرملة ، أناسا