كان المتغلبون على أكثر البر في أوائل القرن ، الأمير شديد بن الأمير أحمد حاكم العرب من آل جبار وكان كلقبه واسمه ظالما جبارا عنيدا. قال كاتب جلبي : وما زال آل عثمان يعطون لواء سلمية لأمراء العرب وأمراؤهم هم عرب آل جبار وهم قبيلتان آل حمد وآل محمد يمتد حكمهم الى أرجاء حلب والرقة. وكان قرقماز المعني في لبنان ، وأحمد بن رضوان في غزة بعد قانصوه أمير عجلون وما والاها من الكرك ، والأمراء بنو الحرفوش في بعلبك ، والأمراء بنو شهاب في وادي التيم ، وأحمد بن طرباي أمير اللجون في نابلس ، ومنصور بن فريخ البدوي على البقاع تغلب عليه بعد ابن الحنش وحكم نابلس وصفد وعجلون وانحاز إليه جماعة من جند دمشق ، وأخاف الدروز ثم شن الغارة وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وقد خرب العمران وقتل الخلق حتى أخذه وزير دمشق وقتله في سنة (١٠٠٢) وذهب على حصار قلعة الشقيف النفوس والأموال ، حاصرها والي دمشق ونازل قلعتي الشقيف وبانياس ، وبلية القلاع كبلية المدن غرض لهجمات المهاجمين فقد أخذ المحارزة قلاع القدموس والعليقة والمينقة مرارا ، وكان الإسماعيليون يستردونها بعد مدة ، وفي سنة ألف تقريبا هجم الإسماعيليون على القدموس عند ما كان العلويون مشغولين بالعبادة في يوم الغدير وقتلوا من المشايخ ثمانين شخصا عدا العوام وتملكوا القدموس (قاله في تاريخ العلويين).
وفي سنة (١٠٠٣) توفي مراد الثالث وخلفه ابنه محمد الثالث فقتل يوم جلوسه تسعة عشر أخا له وعشر جوار حاملات من أبيه ثم ابنين له ، وكان مع ذلك على رواية المحبي صالحا عابدا ساعيا في إقامة الشعائر الدينية وأوصافه كلها حسنة وهو مظفر في وقائعه عالي الهمة. ولم ينل الشام شيء من تدين محمد الثالث ، وطالبت الحكومة الأهلين بأموال سنتين فلقوا شدة وعنتا.
ذكر المقدسي في حوادث سنة (١٠٠٤) أنه جاء ساع من الباب العالي يأمر بأن يجتمع العلماء والصلحاء والمشايخ والفقراء وأولاد المكاتب في الجامع الأموي ، ويقرأوا القرآن ويدعوا لعساكر الإسلام بالنصر ، وما أعجبها من قضية جمع فيها بين ظلم المذكورين وطلب الدعاء منهم ، فليت شعري بأي لسان يدعون وقد اشتهر أنهم يطالبون الرعايا بعوارض سنتين جديدة وعتيقة وطالبوا