وتبقى أهل القرية جميعا خدمة لهم وجميع ما يجمعونه لغيرهم لا لأنفسهم.
ومن الكوائن أن خارجيا من السكبانية اسمه رستم جاء إلى كلز ومعه من البغاة أجناد كثيرة ، وكان ضابط كلز عزيز كتخدا من جماعة حسين باشا بن جانبولاذ أمير الأمراء بحلب، فبعث واستنجد بعسكر حلب ومنهم العسكر الجديد فخرجوا لنصرته ، فتقابلت الأجناد وقامت بينهم سوق الحرب والضرب فانتصر رستم على عسكر كلز وحلب وقتل عزيز كتخدا وقتل من العسكرين كثير وولوا منهزمين فنهب الخارجي كلز وصادر أعيان القرى.
ولما ولي نصوح باشا نيابة حلب ـ وكان متغلبا في حكمه عسوفا قوي النفس شديد البأس كما قال المحبي ـ كان لجند دمشق أي الانكشارية الغلبة والعتو يذهب منهم كل سنة طائفة إلى حلب وينصب عليهم قائد من كبارهم وكان بعض عظماء الجند قد تقووا في حلب وفتكوا وجاروا خصوصا طواغيتهم خداويردي وكنعان الكبير وحمزة الكردي وأمثالهم ، حتى رهبهم أهلها وصاهرتهم كبراؤها ، واستولوا على أكثر قراها ، فلما رأى نصوح باشا ما فعلوه حتى قلّت أموال السلطنة ، وصارت أهالي القرى كالأرقاء أجلاهم عن الأقاليم ووقعت بينه وبينهم فتنة بل فتن ، وعجز عن إخراجهم فاستعان بحسين بن جانبولاذ فبعث هذا ابن أخيه الأمير علي بعسكر عظيم ، فاستولى نصوح باشا على قلعة حلب ووضع متاريس تحتها واستعد للقتال ، فأخذ العسكر الدمشقي باب بانقوسا وجمعوا جموعهم ، وهم لا يعلمون أن حسين باشا جانبولاذ بعث عسكره ، ودخل الأمير علي في اليوم التالي بالعساكر المتكاثفة فتبعهم نصوح باشا والأمير علي إلى قرية كفر طاب فوقع بينهم حرب فانهزم الدمشقيون بعدما قتل منهم جم غفير. ثم خرج نصوح باشا في عسكره إلى كلز فقابل حسين باشا بعسكره والتقت الفئتان فانكسر نصوح باشا وقتل أكثر عسكره ودخل حلب منهزما وأخذ في جمع الأجناد وبذل الأموال لتكثير العدد والأعتاد. وبينا هو على ذلك جاء الأمر بأن حسين باشا عين كافلا للممالك الحلبية وعزل نصوح باشا ، فلبس نصوح باشا جلد النمر ، وامتنع من تسليم حلب لحسين باشا ، وأقبلت بعد أسبوع عساكر الوالي الجديد حسين باشا إلى قرية حيلان فاستقبلهم نصوح باشا بالحرب فانكسر أيضا ،