وكانت الدولة تحاذر من معاونة أسطول البنادقة أو الطسقانيين له ، ولجأ الأمير إلى شقيف تيرون فضاقت نفسه وفي رواية أنه هام على وجهه في الجبال سنة ودل جماعته عليه ، ثم عمد إلى مغارة في جزين فاضطر أن يسلم نفسه إلى الوزير العثماني فدخل به إلى دمشق بموكب حافل وهو مقيد على الفرس خلفه ، ثم حمل إلى الاستانة فقابله السلطان مقابلة لا بأس بها ولامه على أفعاله فقدم أعذاره ، واحتج بأنه جمع الرجال لأمور مختصة بالوزراء والنواب وما قتل غير العصاة على السلطنة ، وأن القلاع التي استولى عليها وفتحها كانت بيد العصاة وسلمها للسلطنة فاقتنع السلطان من كلامه وعفا عنه ولكنه أبقاه مخفورا. ولما قام حفيده الأمير ملحم وكسر جيش والي دمشق ونهب صور وبيروت وعكا صدر أمر السلطان بقطع رأس الأمير فخر الدين وخنق ابنه الأكبر.
وذكر الشهابي أن الأمير علي بن علم الدين اليمني الذي وسد إليه حكم لبنان بعد أسر الأمير فخر الدين قد ضبط جميع أرزاق بيت معن وقبض على تابعيهم وقتل بعضهم ، ثم باغت الأمراء بيت تنوخ وكانوا في الحمام في السراي التي تحت القرية فقتلهم وردم البرج على أولادهم الصغار ، ولم يترك من بني تنوخ ذكرا يخلفهم ، ولما بلغ ذلك الأمير ملحم بن معن جمع من كان معه من القيسية وركب على اليمنية فقتل منهم كثيرا وقدر من قتل من الفريقين بنحو أربعمائة نفس ، وانهزم الأمير علي بن علم الدين إلى دمشق وخرج منها بعسكر نحو خمسمائة رجل وعند ما وصل تحت قب الياس نزل سعيد أحمد أبو عذرا إلى مقاتلتهم برجال العرقوب في نحو أربعمائة رجل ، فأخلت له الدولة الخيام حتى دخل بالرجال ثم أطبقوا عليه فما سلم منهم إلا القليل ، فرجع الأمير ملحم واختبأ في الشوف وتجددت عند ذلك الشكايات على الأمير فخر الدين وعندها أمر السلطان بقتله. قال المرادي : إن أملاك الأمير فخر الدين وهبها السلطان مراد إلى أحمد باشا الكوجك ، وكان عمر التكية خارج باب الله بالقرب من مسجد القدم بدمشق فوقف عليها ذلك من متعلقاته في بعلبك وصيدا وريشيا وحاصبيا وكانت أملاكا لفخر الدين.
وبهلاك الأمير فخر الدين وضعف سلطة الأمراء المعنيين استراح الأمراء المجاورون أمثال بني سيفا في طرابلس والأمير أحمد بن طرباي الحارثي أمير