زمنا ، وخلفه صدر آخر كان ابن أخت الكوبرلي الأول اسمه حسين عموجه زاده وكان على قدم أجداده بعد نظر وحسن إدارة ، فصح في هذه الأسرة ما قاله أحد مؤرخي الفرنجة من أن الوزير الأول منهم لقب بالكبير أو القاسي والثاني بالسياسي والثالث بالصالح والرابع بالحكيم. ولكن تأثيرات هؤلاء العظماء من الصدور لم تكن إلا في الشام لبعد المسافة عن العاصمة ، ولأن طريق الالتزام في جباية الأموال كانت سقيمة تدعو إلى إضعاف المملكة ، ولأن الوالي كانت له لا مركزية واسعة يعمل بقريحته على الأغلب.
وفي تاريخ فلسطين أن حكومة سورية في القرن الثامن عشر كانت حكومة لا مركزية أي إقطاعات أو حكومة أمراء ومشايخ يقوم كل منهم بحكم منطقته. فكان مشايخ أبو غوش أو البراغثة يحكمون بني مالك وبني حسن وبني زيد وبني مرة وبني سالم ، فإذا اختلف اثنان كانا يتقاضيان عند الشيخ ويقبلان حكمه لا محالة ، ومن خالف العادات أو أخلّ بتقاليدهم يسجن في سجنهم ، وكان الشيخ أو الأمير يحبي الضرائب ويقدم المقطوع عليه للوالي ويأخذ الزيادة ، وإذا حدثت فتنة أو خيف من وقوعها كان يطلب الوالي المعاونة من أمراء منطقته فيخرجون بأنفسهم ومن ورائهم رجالهم وفرسانهم. وكثيرا ما كان يستبد هؤلاء المشايخ بالفلاحين ابتغاء مرضاة الأمراء والولاة فأدى هذا النظام إلى انتشار الفوضى واختلال الأمن وسبب للحكومة خسرانا كبيرا في الأموال والرجال.
ولقد حاول السلطان محمد الرابع لما كبر وترعرع أن يقتل شقيقيه سليمان وأحمد فمنعته والدته من قتلهما وحال بينه وبين القتل المفتي الأعظم ، موردا له كلام الله مخوفا له من عذابه ، وبذلك انقضى دور قتل أبناء ملوك آل عثمان وتسلطن شقيقا محمد الرابع بعده. ووقعت في سلطنة أحمد الرابع في الشام كوائن كثيرة منها الوقعة التي حدثت سنة (١٦٠٠) م في وادي القرن من عمل لبنان الشرقي ، وذلك أن ابن علم الدين أغرى ابشير باشا والي إيالة الشام بالزحف على ابن معن حاكم لبنان فالتقت عساكر الشام والمعنية عند وادي القرن وكانت الدائرة على عسكر الشام. ويقول مؤرخو الترك : بل كانت على عسكر ابن معن وكان اسم ابن معن الأمير ملحم ولي كما قال