عشرة ولاة. وكانت الشام تتمخض في خلال ذلك بظهور رجلين في العقدين الأخيرين من هذا القرن كما تمخضت أواخر النصف الأول منه بظهور آل العظم ، ونعني بهذين الرجلين الشيخ ظاهر العمر الزيداني وأحمد باشا الجزار. وقد اهتمت لعظم شوكتهما الأمة والدولة ، جاء الثاني على أثر الأول فبزه ظلما وعدوانا. ولم يكن قيام أمر الرجل في ذاك العهد يتوقف على نباهة فيه وعلم وسياسة ، بل غاية ما يحتاجه شيء من المعرفة بطبائع من يقوم فيهم ، وتلطف باستمالة قلوب أفراد يعوّل عليهم ، ورأس مال قليل يؤديه ثمن إقطاع أو نفقة الظهور ، ومهارة في البطشة الكبرى الأولى ودهاء وحيلة ، وعندها يزيد كل يوم قوة ، ولا تلبث الدولة أن ترعاه ، والأهلون أن يتفيأوا ظله وحماه.
في أواسط القرن الحادي عشر جاء إلى جهات فلسطين الشمالية من الحجاز رجل يدعى زيدان وله ولد اسمه عمر ولعمر ولدان اسمهما ظاهر وسعد. ظعنوا عن ديارهم لخصومة وقعت بينهم وبين عدو أقوى منهم مراسا ، فجاءوا وضربوا خيمتهم في الأطراف الشمالية من سهل البطوف في أرض يقال لها مسلخيت من عمل نابلس. ولما كانت قرية عرابة أقرب القرى إليهم جاء وجهاء القرية وزاروهم وحيوهم وسألوهم أن يأتوا إلى قريتهم يضربون خيامهم في أرضها لأنهم كانوا على أربعة أميال منها. وكان في قرية سلّامة المعروفة اليوم بخربة سلامة الواقعة على منحدر الوادي المسمى بهذا الاسم شيخ درزي قوي الجانب برجاله الأشداء باسط أجنحة نفوذه على ما جاوره. مر بعرابة ذات يوم ووقع نظره على فتاة أعجبه حسنها وطمع فيها لنفسه. ونزل بيت أحد وجهاء القرية ودعا إليه الزعماء وطلب منهم الفتاة ، فشق على سكان عرابة ذلك خصوصا وهو درزي وهم سنة. وارتبك أهل القرية فسألهم زيدان عن السبب فذكروا له ما وقع فقال لهم : الخطب سهل على أن تعاهدوني أن تعملوا ما أسألكم إياه ولا تبوحوا به فقال : أجيبوا الدرزي إلى ما طلب وعينوا له وقتا يوافيكم فيه لأخذ العروس ، وإذا جاء مع جماعته رحبوا به فإذا استقر بهم المقام خذوا أسلحتهم ثم اتركوهم يهزجون ويرقصون إلى حين الرقاد ، وكل واحد منكم يأخذ واحدا إلى داره ليؤويه ولما رقد الجميع هبّ زيدان وأفنى جماعة الدروز ، ثم أغار هو وجماعته على سلامة مع سكان