المزدقاني عوض بهرام بدمشق رجلا اسمه أبو الوفا ، وعظم أبو الوفا حتى صار الحكم له بدمشق ، فكاتب الفرنج ليسلم إليهم دمشق ، ويعوضوه بصور ، وجعلوا موعدهم يوم الجمعة ليجعل أصحابه على باب الجامع ، وعلم صاحب دمشق بالأمر فقتل الوزير المزدقاني وأمر الناس فثاروا بالإسماعيلية فقتل بدمشق ستة آلاف إسماعيلي (٥٢٣) وقال سبط ابن الجوزي : وكان عدة من قتل من الإسماعيلية عشرة آلاف على ما قيل ولم يتعرضوا لحرمهم ولا لأموالهم ، ووصل الفرنج في في الميعاد وحصروا دمشق فلم يظفروا بشيء ، واشتد الشتاء فرحلوا كالمنهزمين ، وتبعهم صاحب دمشق بالعسكر فقتلوا عدة كثيرة منهم ، وسلّم إسماعيل الباطني قلعة بانياس إلى الفرنج وصار معهم.
قال ابن الأثير : ولما بلغ الفرنج قتل المزدقاني والإسماعيلية بدمشق عظم عليهم ذلك وتأسفوا على دمشق إذ لم يتم لهم ملكها ، فاجتمعوا كلهم صاحب القدس وصاحب أنطاكية وصاحب طرابلس وغيرهم من الفرنج وقمامصتهم ، ومن وصل إليهم من البحر للتجارة والزيارة في خلق عظيم نحو ألفي فارس ، وأما الراجل فلا يحصى. وروى ابن القلانسي أنهم كانوا يزيدون على ستين ألفا فارسا وراجلا ، وساروا إلى دمشق ليحصروها ، ولما سمع تاج الملوك بذلك جمع العرب والتركمان فاجتمع معهم ثمانية آلاف فارس ، ووصل الفرنج فنازلوا البلد وأرسلوا إلى أعمال دمشق لجمع الميرة والغارة على الكور ، فلما سمع تاج الملوك أن جمعا كثيرا قد سار إلى حوران لنهبه وإحضار الميرة ، كما نهب صاحب القدس (٥٢١) وادي موسى وسبى أهله وشردهم ، سير إليهم أميرا من أمرائه يعرف بشمس الخواص في جمع من المسلمين ، فلقوا الفرنج فواقعوهم واقتتلوا وصبر بعضهم لبعض ، فظفر بهم المسلمون وقتلوهم فلم يفلت منهم غير مقدمهم ومعه أربعون رجلا ، وأخذوا ما معهم وعادوا إلى دمشق لم يمسسهم قرح ، فلما علم من عليها من الفرنج ذلك داخلهم الرعب فرحلوا عنها شبه منهزمين ، فتبعهم المسلمون يقتلون كل من تخلف منهم.
ولما استولى الفرنج على قلعة بانياس بنزول صاحبها الباطني عنها وانضمامه إليهم سقطت بأيديهم أيضا قلعة القدموس وكانت للباطنية. وبإحراز هاتين القلعتين قوي أمر الفرنج وإن عظمت خسائرهم المادية ، وعاد الناس فأمنوا وخرجوا بعد فشل