المؤرخون ـ والقاضي الفاضل هو الذي كان صلاح الدين يقول في ملإ من الناس : لا تظنوا أني ملكت البلاد بسيوفكم بل بقلم الفاضل وكان يستشيره في أموره ـ فدخل الملك العزيز على القاضي وسأله أن يتوجه من القاهرة الى الملك العادل ففعل واجتمع به واتفقا على أن يصلحا بين الأخوين فأصلحا بينهما وأقام العادل بمصر عند العزيز ابن أخيه ليقرر أمور مملكته وعاد الأفضل إلى دمشق وأموره بيد الجزري يدبرها برأيه حتى كثر شاكوه وقل شاكروه. وكان الاعتماد على مشورة الوزير الجزري الذي زين للملك الأفضل إقصاء أمراء أبيه ليخلو له الجو أول خطوة نحو خراب بيت بني أيوب ، وبعبارة أصح أبناء صلاح الدين يوسف. وقوة الدولة على نسبة عقل القائمين بها ، الدافعين عن حوزتها ، الغيورين على بقائها ، وقد خالف الملك الأفضل سيرة أبيه فأقصى العقلاء وكان أبوه يفادي بكل مرتخص وغال لاستمالة قلوبهم وكان لسان حال العادل وقد رأى اختلاف أبناء أخيه المثل المأثور «لم آمر بها ولم تسؤني». قال سبط ابن الجوزي لما عاد الأفضل الى دمشق ازداد وزيره الجزري من الأفعال القبيحة وآذى أكابر من الدولة ، والأفضل يسمع منه ولا يعدي أحدا ولا يخالفه ، فكتب قيماز النجمي وأعيان الدولة إلى العادل يشكونه ، فأرسل العادل إلى الأفضل يقول : ارفع يد هذا الأحمق السيء التدبير القليل التوفيق فلم يلتفت ، واتفق مع العزيز على النزول إلى الشام فسار إلى الشام فاستشار الأفضل أصحابه فكل أشار عليه أن يلتقي عمه وأخاه ولا يخالفهما إلا الجزري فإنه أشار عليه بالعصيان فاستعد للحصار وحلف الأمراء والمقدمين وفرقهم في الأبراج وعلى الأسوار.
اتفق العادل مع العزيز على أن يأخذا دمشق وأن يسلمها العزيز إلى العادل لتكون الخطبة والسكة للعزيز في جميع المملكة كما كانت لأبيه ، فخرجا وسارا من مصر فأرسل الأفضل إليهما فلك الدين وهو أحد أمرائه وهو أخو الملك العادل لأمه ونزل العادل والعزيز على دمشق وقد حصنها الأفضل ، فكاتب بعض الأمراء من داخل البلد العادل وصاروا معه وأنهم يسلمون المدينة إليه ، فزحف العادل والعزيز فدخل الأول من باب توما والثاني من باب الفرج ، فأجاب الملك الأفضل إلى تسليم القلعة وانتقل منها بأهله وأصحابه ، وأخذت بصرى من الملك الظافر خضر أخي الأفضل وكان معاضدا له ، وأعطي الأفضل صرخد