خامروا عليه (خاتلوه) وتقاعدوا عن الحرب لأن شيركوه صاحب حمص سعى إليهم وقال : إن السلطان ذكر أنه متى ملك بلاد الروم فرقها على الملوك من أهل بيته عوض ما بأيديهم من الشام ، ويأخذ الشام جميعه لينفرد بملك الشام ومصر ، فتقاعدوا عن القتال وفسدت نياتهم فرجع الكامل إلى مصر وعاد كل واحد من الملوك إلى بلده. وفي سنة (٦٣٣) سار الناصر داود من الكرك إلى بغداد ملتجئا إلى الخليفة المستنصر لما حصل عنده من الخوف من عمه الكامل. وسار الكامل من مصر واسترجع حرّان والرّها من كيقباذ صاحب الروم ، وكان استولى عليهما في السنة الماضية بعد رحيل الكامل عن أرضه. وبدت في هذه السنة طلائع الشر قال سبط ابن الجوزي : وكانوا في مئة طلب كل طلب خمسمائة فارس.
وتوفي العزيز صاحب حلب حفيد صلاح الدين يوسف بن أيوب ، وكان حسن السيرة في رعيته عن ثلاث وعشرين سنة وستة أشهر ، وتقرر في الملك بعده ولده الناصر يوسف وعمره نحو سبع سنين وقام بتدبير الدولة شمس الدين لولو الأرمني وعز الدين عمر بن مجلي وجمال الدين إقبال الخاتوني ، والمرجع في الأمور الى والدة العزيز ضيفة خاتون بنت الملك العادل. وقويت الوحشة بين الكامل وبين أخيه الأشرف وكان ابتداؤها ما فعله شيركوه صاحب حمص لما قصد الكامل بلاد الروم فاتفق الملك مع صاحبة حلب ضيفة خاتون أخت الكامل ومع باقي الملوك على خلاف الكامل خلا المظفر صاحب حماة ، فلما امتنع تهدده الأشرف بقصد بلاده وانتزاعها منه فقدم خوفا من ذلك إلى دمشق ، وحلف للملك الأشرف ووافقه على قتال الكامل وكاتب الأشرف كيخسرو صاحب بلاد الروم واتفق معه على قتال أخيه الكامل إن خرج من مصر. وتوجه عسكر حلب مع المعظم توران شاه عم العزيز فحاصروا بغراس وكان قد عمرها الداوية بعد ما فتحها صلاح الدين يوسف وخربها وأشرف عسكر حلب على أخذها ثم رحلوا عنها بسبب الهدنة مع صاحب أنطاكية ، ثم إن الفرنج أغاروا على ربض دربساك وهي حينئذ لصاحب حلب فوقع بهم عسكر حلب وولى الفرنج منهزمين وكثر فيهم القتل والأسر وعاد عسكر حلب بالأسرى ورؤوس الفرنج وكانت هذه الوقعة من أجل الوقائع.