تاريخية. فسمع مجلس الحلفاء أقوال الصهيونيين ولم يصدر قرارا حاسما لاشتغاله بمسائل أهم من معضلة فلسطين.
وضع اليهود ثقتهم بالحكومة الإنكليزية وما خامرهم شك في صداقتها ولم تحدثهم أنفسهم أنها تتأخر عن مناصرتهم أو إنجاز ما وعدتهم به وقلقوا فقط لأنها ليست هي وحدها صاحبة الحل والعقد في أمرهم ، ولذلك كانت هذه الفترة حرجة جدا في تاريخ اليهود فإما أن يقضى لهم أو يحكم عليهم. ولقد كان من المنتظر إحداث تغييرات تلائم المطاليب الصهيونية لأن الحكومة الفرنسية صدقت على وعد بلفور لها ومعاهدة سايكس بيكو بطلت لانحلال روسيا ، إلا أن اتفاق الحكومة الإنكليزية مع الملك حسين كان له شأن يذكر ، ونشاط الحركة الوطنية العربية في فلسطين ومقاومتهم الصهيونية ، أسمعت المراجع الرسمية صوتها وعاكست الخطط البريطانية المتحيزة للصهيونيين ، كما أن بعض المقامات الدينية النصرانية أظهرت استياءها مخافة أن يتمكن اليهود من السيادة في هذا القطر ، أضف إلى هذا أن اليهود اللاصهيونيين في اميركا وأوربا كانوا يقاومون الصهيونية بشدة ، فمجموع هذه العوامل أخر سير القضية الصهيونية لكن العاملين الأولين (معاهدة الملك حسين ومقاومة العرب) كان لهما الأثر الأكبر في ذلك.
كان العرب يستندون في سياستهم على الأمير فيصل حليف دول الحلفاء وكان هذا يتنازعه عاملان متناقضان ، أحدهما العرب الذين يطلبون إليه بشدة مقاومة الصهيونية ، والثاني بعد نظره الذي جعله يسعى بإخلاص للتعاون مع قواد الصهيونيين ، فتحرج مركزه بين هذه المطالب المتناقضة ، وغلب عليه العرب فلم يرض عن تأسيس وطن قومي يهودي في فلسطين ، ثم عدل عن هذا الرأي وأرسل كتابا إلى أحد زعماء اليهود الأميركان ، هذه خلاصته : «إننا نشعر أن العرب واليهود هم أبناء عم في الجنس وأنهم تحملوا اضطهادات متشابهة من الدول القوية ، وقد ساعدهم حسن الطالع بأن يتمكنوا من الصعود معا إلى الدرجة الأولى من سلم آمالهم الوطنية ، ونحن العرب وخاصة المتعلمين ننظر برغبة شديدة إلى النهضة الصهيونية ، وقد اطلع وفدنا في باريز الآن على الاقتراحات التي قدمتموها أمس إلى مؤتمر السلام ونحن نعتبر أن هذه الاقتراحات معتدلة