الروم خلجان وبحار ، لم نذكرها لقصورها عن هذه البحار وكثرتها ، ويأخذ من البحر المحيط خليج حتى ينتهى فى ظهر بلد الصقالبة ، ويقطع أرض الروم على القسطنطينية حتى يقع فى بحر الروم ، وأرض الروم حدّها من البحر المحيط على بلاد الجلالقة وافرنجة ورومية وأثيناس إلى القسطنطينية ، ثم إلى أرض الصقالبة ، ويشبه أن يكون نحوا من مائتين وسبعين مرحلة ، وذاك أن من حدّ الثغور فى الشمال إلى أرض الصقالبة نحوا من شهرين. وقد بيّنا أن من الثغور إلى أقصى المغرب مائتين وعشر مراحل ، والروم المحض من حد رومية إلى حدّ الصقالبة ، فأما ما ضممنا إلى بلد الروم من الافرنجة والجلالقة وغيرهم فإن لسانهم مختلف ، غير أن الدين والملك (١) واحد ، كما أن فى مملكة الإسلام ألسنة مختلفة والملك واحد ؛ وأما مملكة الصين فإنّها نحو من أربعة أشهر فى ثلاثة أشهر ، فإذا أخذت من فم الخليج حتى تنتهى إلى دار الإسلام مما وراء النهر فهو نحو من ثلاثة أشهر ، وإذا أخذت من حدّ المشرق حتى تقطع إلى حدّ المغرب فى أرض التبت ، وتمرّ فى أرض التغزغز وخرخيز وعلى ظهر كيماك إلى البحر فهو نحو من أربعة أشهر. ولمملكة الصين ألسنة مختلفة ، فأمّا الأتراك كلها من التغزغز وخرخيز وكيماك والغزيّة والخزلجيّة فألسنتهم واحدة ، يفهم بعضهم عن بعض ، فأما أرض الصين والتبّت فلهم لسان مخالف لهذه الألسنة ، والمملكة كلها منسوبة إلى صاحب الصين المقيم بخمدان ، كما أن مملكة الروم منسوبة إلى الملك المقيم بالقسطنطينية ، ومملكة الإسلام منسوبة إلى أمير المؤمنين ببغداد ، ومملكة الهند منسوبة إلى الملك المقيم بقنّوج. وديار الأتراك متميزة ، فأمّا الغزيّة فإنّ حدود ديارهم ما بين الخزر وكيماك وأرض الخزلجية وبلغار ، وحدود دار الإسلام ما بين جرجان إلى فاراب وأسبيجاب ، وأما ديار الكيماكيّة فإنهم من وراء الخزلجية من ناحية الشمال ، وهم فيما بين الغزية وخرخيز وظهر الصقالبة ، ويأجوج هم فى ناحية الشمال ، إذا قطعت ما بين الصقالبة والكيماكية ، والله أعلم بمكانهم وسائر بلادهم ؛ وأما خرخيز فإنّهم ما بين التغزغز وكيماك والبحر المحيط وأرض الخزلجية ؛ وأما التغزغز فإنهم ما بين التبّت وأرض الخزلجية وخرخيز ومملكة الصين ؛ وأما الصين فإنّهم ما بين البحر والتغزغز والتبّت ، والصين نفسه هو هذا الإقليم ، وإنما نسبنا سائر بلاد الأتراك إليها في المملكة ، كما نسبنا سائر مملكة الروم إلى أرض رومية والقسطنطينية ، وكما نسبنا سائر ممالك الإسلام إلى إيرانشهر ـ وهو أرض بابل. وأرض الصقالبة عريضة طويلة نحو من شهرين فى مثلها ، وبلغار الخارجة هى مدينة صغيرة ليس فيها أعمال كثيرة ، واشتهارها لأنها فرضة لهذه الممالك ، والروس قوم بناحية بلغار فيما بينها وبين الصقالبة ، وقد انقطعت طائفة من الأتراك عن بلادهم ، فصاروا فيما بين الخزر والروم يقال لهم البجناكيّة ، وليس موضعهم بدار لهم على قديم الأيام ، وإنما انتابوها فغلبوا عليها ؛ وأما الخزر فإنّه اسم لهذا الجنس من الناس ، وأما البلد فإنه مصر يسمى إتل ، وإنما سمى باسم النهر الذي يجرى عليه
__________________
(١) فى م : المملكة.