والآخر بالركن الشامى ، والركنان الآخران أحدهما عند الباب ، والحجر الأسود فيه على أقل من قامة ، والركن الآخر يعرف باليمانى ، وسقاية الحاج ـ التى تعرف بسقاية العباس ـ على ظهر زمزم ، وزمزم فيما بينها وبين البيت ، ودار الندوة من المسجد الحرام فى غربيّة ، وهى خلف دار الإمارة مشرعة إلى المسجد ، وهو مسجد قد جمع إلى المسجد الحرام وكان فى الجاهلية مجتمعا لقريش ، والصّفا مكان مرتفع من جبل أبى قبيس ، وبينها وبين المسجد الحرام عرض الوادى الذي هو طريق وسوق ، ومن وقف على الصفا كان بحذاء الحجر الأسود ، والمسعى ما بين الصفا والمروة ، والمروة حجر من جبل قعيقعان ، ومن وقف عليها كان بحذاء الركن العراقى ، إلا أن الأبنية قد سترت ذلك الركن عن الرؤية ، وأبو قبيس هو الجبل المشرف على الكعبة من شرقيّها ، وقعيقعان هو الجبل الذي من غربى الكعبة ، وأبو قبيس أعلى وأكبر منه ، ويقال إن حجارة البيت من قعقعان ، ومنى (١) على طريق عرفة من مكة ، وبينها وبين مكة ثلاثة أميال ، ومنى شعب طوله نحو ميلين وعرضه يسير ، وبها أبنية كثيرة لأهل كل بلد من بلدان الإسلام ، ومسجد الخيف فى أقل من الوسط مما يلى مكة ، وجمرة العقبة فى آخر منى مما يلى مكة ، وليست العقبة التى تنسب إليها الجمرة من منى ، والجمرة الأولى والوسطى هما جميعا فوق مسجد الخيف إلى ما يلى مكة ، والمزدلفة مبيت للحاجّ ومجمع للصلاة إذا صدروا من عرفات ، وهو مكان بين بطن محسّر والمأزمين ، وأما بطن محسّر فهو واد بين منى والمزدلفة ، وليس من منى ولا من المزدلفة ، وأما المأزمان فهو شعب بين جبلين يفضى آخره إلى بطن عرنة ، وهو واد بين المأزمين وبين عرفة ، وليس من عرفة ، وعرفة ما بين وادى عرنة إلى حائط بنى عامر إلى من أقبل على الصّخرات ، التى يكون بها موقف الإمام وعلى طريق عقبة (٢) ، وحائط بنى عامر (٣) نخيل عند عرفة ، وبقربه المسجد الذي يجمع فيه الإمام بين الصلاتين الظهر والعصر ، وهو حائط نخيل وبه عين ، وينسب إلى عبد الله بن عامر بن كريز ، وليس عرفات من الحرم ، وإنما حدّ الحرم إلى المأزمين ، فإذا جزتهما إلى العلمين المضروبين فما وراء العلمين من الحلّ ، وكذلك التّنعيم الذي يعرف بمسجد عائشة ليس من الحرم والحرم دونه ، وحدّ الحرم نحو عشرة أميال فى مسيرة يوم ، وعلى الحرم كله منار مضروب يتميّز به من غيره ، وليس بمكة ماء جار ، إلا شىء بلغنى بعد خروجى عنها أنه أجرى إليها ، من عين كان عمل فيها بعض الولاة ، فاستتم فى أيام المقتدر أمير المؤمنين ، ومياهم من السماء وليست لهم آبار تشرب ، وأطيبها بئر زمزم ، ولا يمكن الإدمان
__________________
(١) قال الهمدانى فى صفة جزيرة العرب ص ١٧٥ (منى بمكة غير منونة من منى الأديم عطنه ومنى منون من ديار غنى قريب من طخفة). وذكر عدم تنوين منى مكة فى مواضع مختلفة من هذا الكتاب.
(٢) فى م حصن وكذلك فى المخطوطتين ب ج وفى ابن حوقل ص ٢٩ ط. سنة ١٩٣٨ ، وبالرجوع إلى معجم البلدان لياقوت نجده يذكر حضن على أنها جبل وفى موضع آخر ، والظاهر أن الكلمة محرفة والتصحيح عن ابن رسته فى الإعلاق النفسية ص ٥٥ قال [وذرع الطريق ـ طريق العقبة ـ من العلم الذي على الجدار إلى العلم الآخر الذي بحذائه سبع وستون ذراعا ...] وهو الطريق الذي يعنيه الاصطخرى.
(٣) يقول ياقوت إنه بستان ابن معمر ونسبته إلى عبد الله بن عامر بن كريز غير صحيحة (راجع بستان بن معمر فى معجم البلدان)