انكارا لذلك فأحضره حتى رآه ؛ وبقرية عبد الرحمن بئر عمقها قامات كثيرة ، جافة القعر عامة السنة ، حتى إذا كان الوقت المعروف من السنة ينبع منها ماء ، يرتفع إلى وجه الأرض ويجرى منه ما يدير الرحى ، حتى ينتفع به فى سقى الزروع وغير ذلك ثم يغور. وبناحية سابور جبل قد صوّر فيه صور كل ملك وكل مرزبان معروف للعجم ، وكل مذكور من سدنة النيران وعظيم من موبذ وغيره ، وتتابع صور هؤلاء وأيامهم وقصصهم فى أدراج ، وقد خصّ بحفظ ذلك قوم سكّان بموضع بناحية أرّجان يعرف بحصن الجص ، وبجور بركة على باب البلد مما يلى شيراز تعرف بنزّ ، قد أكبّ على قعرها قدر نحاس عظيمة ، يخرج من ثقبة فى أعلى تلك القدر ضيقة جدا ماء عظيم ، ليس فى تقدير رأى العين أن مثل ذلك الماء على كثرته يخرج من ذلك الثقب على ضيقه ؛ وبقرب أبرقوه تلال عظيمة من رماد يزعم قوم أنها نار نمرود بن كنعان ، التى أوقدها لإحراق ابراهيم عليهالسلام (١) وهذا خطأ ، لأن الصحيح فى الأخبار أن نمرود كان مقيما ببابل ، وكذلك ملوك الكنعانيين قبل ملوك الفرس ؛ وقد ذكرنا (٢) المومياى فى جملة ما يرتفع من ناحية (٣) دارابجرد. وبكورة أرّجان بقرية يقال لها صاهك الغرب بئر ، يذكر أهلها أنهم امتحنوا قعرها بالمثقلات والأرسان ، فلم يقفوا منها على عمق ، يفور منها الدهر كله ماء بقدر ما يدير رحى ويسقى تلك القرية. وبكورة سابور رستاق يعرف بالهنديجان فيها بئر بين جبلين ، يخرج منها دخان فيعلو حرها (٤) ، حتى لا يتهيأ لأحد أن يقربها ، وإذا طار فوقها طائر سقط فيها واحترق ؛ وبدشت بارين قرية تعرف بجور هى نحيسة لا شجر فيها ، فيها أهل بيت ينسبون إلى السحر ويسألون عن الأخبار ، ويحكى عنهم ما أستفظع حكايته فى كتابى. وبكورة أردشير خرّه على باب شيراز عين ماء يشرب منه الناس لتنقية الجوف ، فمن شرب منه قدحا أقامه مجلسا ، ومن زاد فلكل قدح مجلس ؛ وبناحية كام فيروز بقرية تعرف بالمورجان بين جبال شاهقة كهف فيه جرن ، وفى سقف هذا الكهف ماء ينقطر إلى الجرن ، فيزعم الناس أن عليه طلّسما ، فإن دخل ذلك الكهف رجل خرج ما يكفى رجلا ، وإن دخله ألف رجل خرج بقدر حاجتهم. وعلى باب أرّجان مما يلى خوزستان قنطرة على نهر طاب ، تنسب إلى الديلمى طبيب الحجّاج ، وهى طاق واحد ـ سعة الطاق على الأرض ما بين العمودين نحو ثمانين خطوة ، وارتفاعه مقدار ما يجوز فيه راكب الجمل بيده علم من أكبر ما يكون ؛ وبناحية كران طين أخضر كالسلق يؤكل ، ليس فيما علمته فى بلد مثله ؛ وبناحية جنّابة فى البحر مكان يعرف بخارك معدن اللؤلؤ ، يقال إن النادر منه لا يفوقه شىء ، وأن الدرة اليتيمة منه إن صح ذلك ، وبناحية شيراز ريحان يعرف بسوسن نرجس ، ورقه مثل ورق السوسن ، وداخله مثل عين النرجس سواء ، وبناحية داذين نهر ماء عذب يعرف بنهر إخشين ، يشرب منه ويسقى الأراضى ، وإذا غسلت به ثياب خرجت خضرا ؛ وبدشت بارين فى جبالها ـ بقرية تسمى
__________________
(١) زيادة فى ا.
(٢) سيتحدث عن المومياى بعد ذلك بقليل.
(٣) زيادة فى ا.
(٤) زيادة فى ا.