ثمّ تصوّر الحلمة مناسبة لتلك الصورة الهائلة. ثم تنحدر إلى الموضع المطمئن عن القصّ وفرجة الزّور وزرّ القلب وإلى تجعيد الأضلاع والتوائها كما هو موجود في الحيوان الحقيقي. ثم تنحدر في مقاط الأضلاع ومراق البطن والتواء العصب وعضل البطن يمينا وشمالا ، وتوترها وارتفاعها وانخفاض ما دون السرّة ممّا يلي الاقراب. ثم تحقيق السرّة وتوتر العضل حولها. ثم الانحدار إلى الثّنّة والحالبين وعروق الحالب والخروج منه إلى عظمي الوركين. وكذلك انفصال الكتف واتصاله بالعضد. ثم بالساعد وانفصال حبل الذراع والكوع والكرسوع وإبرة المرفق ونهري مفصل الساعد من العضد وعضل الساعد ورطوبة اللحم وتوتر العصب ، وغير ذلك مما يطول شرحه.
وقد صوّر كفّ بعضها قابضا على عمود قطره شبر كأنه كتاب. وصورة الغضون والأسارير التي تحدث في جلدة الكف مما يلي الخنصر عند ما يقبض الإنسان كفه. أما حسن أوجهها وتناسبها فعلى أكمل ما في القوى البشرية أن تفعله وأتمّ ما في المواد الحجرية أن تقبله. ولم يبق إلا صورة اللحم والدّم. وكذلك صورة الأذن وحتارها وتعارجها على غاية التمثيل والتخييل. واتخاذ الأصنام قد كان في ذلك الزمان شائعا في الأرض ، عامّا في الأمم.
وما زالت الملوك تراعي بقاء هذه الآثار ، وتمنع من العبث بها وإن كانوا أعداء لأربابها. وهم يفعلون ذلك لمصالح : منها لتبقى تلك الأصنام تاريخا ينتبه به على الأحقاب. ومنها أن تكون شاهدة للكتب المنزّلة. ومنها أنها تدل على شيء من أحوال من سلف وسيرتهم وتوفّر علومهم وصنائعهم وفكرهم ، وغير ذلك. وهذا كله مما تشتاق النفس إلى معرفته وتؤثر الإطلاع عليه.