الناظر إليها كأنها أيد وأرجل وأنوف وقلوب طبيعية مصابة بمرض من الأمراض ، ويفعلون ذلك بقصد أن يسهّلوا على طلبة علم الطب معرفة الأوجاع وطريقة علاجها.
ثم دخلوا بالسيد إلى معمل الكيمياء ، وهو مكان يحلّلّون فيه الطبايع ، ويركّبونها ، ويغيّرون ألوانها. وعلم الكيمياء ـ عند علماء هذا الزمان ـ خلاف علم الكيمياء الذي كان عند القدماء ، فإن ذلك كان ضربا من الخرافات : كان يزعم صاحبه أنه يستطيع أن يقلب الرّصاص إلى فضّة ، والنحاس إلى ذهب. وما أحد منهم قدر (١) أن يفعل هذا الانقلاب حتى انقلب دماغه ، ومات يائسا.
ولما كان اليوم الثالث عشر (١٨ أغسطس) ساروا بسعادة السلطان إلى الإسماعيلية في ظاهر البلد ، وهناك عرضوا على سعادته جنود الجيش المصري ، وهم يمارسون فنون الحرب بإطلاق البنادق والمكاحل والمدافع والهجوم والدفاع ، وكأنهم في معمعة الحرب والقتال. ثم باشر الجنود في ممارسة إطلاق المدافع والمكاحل على الغرض والهدف : فمن أصاب نقطة الغرض أو قرب منه رفعوا له علما دلالة على أنه أصاب ، وإن أخطأ لم يرفعوه. ثم تفرّج السلطان ورجاله على العسكر ، وهم يمارسون فنّ المسايفة (٢) وعلم الطّعان.
ثم رجعوا إلى منزلهم.
وكان الخديو عاد تلك الليلة من الإسكندرية ، فسار السلطان في رجاله ، وسلّموا عليه. وبعد ذلك قدم الخديو ووليّ عهده وابنه حسن باشا إلى منزل السلطان لردّ السلام ، فقابلهم السلطان بلطف وترحاب. ثم خرج الخديو من لدن السيّد ، وانصرف إلى قصره بالسلامة.
__________________
(١) ب : استطاع
(٢) ب : المسايفة (المبارزة)