للترجمان : ما قال؟ فقال : مجنون يشتم الملك ، فأراد قتله ، وأمر به فدفع ، إلى أن مرّ برجل من أصحاب الملك فتمثّل ببيت شعر ، فكلّمه عثمان بن الحويرث وقال له : إنّي أرى لسانك عربيا ، فممن أنت؟ فقال : رجل من بني أسد ، وأنا أكره أن يدروا بنسبي ، قال : فما دهاني عنده ، قال : الترجمان ، كتب إليه عمرو بن جفنة أن يحوّل كلامك ، قال : فكيف الحيلة أن تدخلني عليه مدخلا واحدا وخلاك ذمّ (١) ، فقال : أفعل ، فاحتال له حتى دخل عليه ، ودعا له قيصر الترجمان ، فقال له عثمان : إنّ أفخر الناس ـ فأعلم ذلك الترجمان قيصر ـ قال : وأعذر الناس ، ـ فأعلمه الترجمان أيضا قيصر ـ قال : وأكذب الناس ، فذكر ذلك الترجمان لقيصر ، ثم أهوى فتشبث بالترجمان ، فقال قيصر : إنّ له لقصة ، فادعوا لي ترجمانا آخر ، فدعوه له ، فأفهمه قصته ، فعاقب قيصر الترجمان الأول ، وكتب لعثمان بن الحويرث إلى عمرو بن جفنة أن يحبس له من أراد حبسه من تجار قريش ، فقدم على ابن جفنة ، فوجد بالشام أبا أحيحة سعيد بن العاص وابن أخته أبا ذئب ، فحبسهما ، فمات أبو ذئب في الحبس ، وسمّ عمرو بن جفنة عثمان بن الحويرث فمات بالشام ، فذلك حيث يقول ورقة بن نوفل (٢) :
هل أتى ابنتي عثمان أن أباهما |
|
حانت منيّته بجنب الفرصد (٣) |
ركب البريد مخاطرا عن نفسه |
|
ميت المنيّة (٤) للبريد المقصد |
فلأبكين عثمان حقّ بكائه |
|
ولأنشدن عمرا وإن لم ينشد (٥) |
قال : ونا الزبير ، قال : قال عمي مصعب بن عبد الله :
وكان عثمان بن الحويرث حيث قدم مكة بكتاب قيصر مختوما في أسفله بالذهب همّت قريش أن تدين له ، فصاح أبو زمعة الأسود بن المطّلب بن أسد ـ والناس في الطواف : ـ إنّ قريشا لقاح (٦) لا تملك ولا تملك ، فاتسقت (٧) قريش على كلامه ، ومنعوا عثمان ما جاء يطلب ، فهو حيث رجع إلى قيصر.
قال : وكان ممن رحل فيه أبو أمية بن المغيرة المخزومي ، قال : فلما قدم أبو أحيحة مكة جعل يحرّض على بني أسد ويغري بهم بني عامر وبني أمية في دم أبي ذئب ، وكانت أم أبي ذئب
__________________
(١) خلاك ذم أي أعذرت وسقط عنك الذم (اللسان).
(٢) الأنساب في نسب قريش ص ٢١٠.
(٣) الأصل وم ، وفي نسب قريش : المرصد.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي نسب قريش : المظنة.
(٥) عن م ونسب قريش ، وبالأصل : ننشد.
(٦) الأصل : ألقاح ، والمثبت عن م ونسب قريش ص ٢١٠.
(٧) في نسب قريش : فاتسعت.